القدوة، والمواساة المشاركة والمساهمة في المعاش والرزق، وأصلها الهمزة فقلبت واوا تخفيفا وفي القاموس: الأسوة بالكسر والضم القدوة، وآساه بماله مواساة أناله منه وجعله فيه أسوة، أولا يكون ذلك إلا من كفاف، فإن كان من فضله فليس بمواساة، وقال: واساه: آساه لغة رديئة انتهى " وذكر الله على كل حال " سواء كانت الأحوال شريفة أو خسيسة، كحال الجنابة وحال الخلاء، وغيرهما " ليس " أي ذكر الله " سبحان " الخ أي منحصرا فيها كما تفهمه العوام وإن كان ذلك من حيث المجموع وكل واحد من أجزائه ذكرا أيضا ولكن العمدة في الذكر ما سيذكر.
واعلم أن الذكر ثلاثة أنواع: ذكر باللسان، وذكر بالقلب، والأول يحصل بتلاوة القرآن والأدعية، وذكر أسماء الله وصفاته سبحانه، ودلائل التوحيد والنبوة والإمامة والعدل والمعاد. والمواعظ والنصايح، وذكر صفات الأئمة عليهم السلام وفضائلهم ومناقبهم، فإنه روي عنهم " إذا ذكرنا ذكر الله وإذا ذكر أعداؤنا ذكر الشيطان " وبالجملة كل ما يصير سببا لذكره تعالى حتى المسائل الفقهية والاخبار المأثورة عنهم عليهم السلام.
والثاني نوعان: أحدهما التفكر في دلائل جميع ما ذكر وتذكرها وتذكر نعم الله وآلائه، والتفكر في فناء الدنيا وترجيح الآخرة عليها، وأمثال ذلك مما مر في باب التفكر، والثاني تذكر عقوبات الآخرة ومثوباتها عند عروض شئ أمر الله به أو نهى عنه، فيصير سببا لارتكاب الأوامر والارتداع عن النواهي.
وقالوا: الثالث من الأقسام الثلاثة أفضل من الأولين ومن العامة من فضل الأول على الثالث مستندا بأن في الأول زيادة عمل الجوارح، وزيادة العمل تقتضي زيادة الاجر، والحق أن الأول إذا انضم إلى أحد الأخيرين كان المجموع أفضل من كل منهما بانفراده، إلا إذا كان الذكر القلبي بدون الذكر اللساني أكمل في الاخلاص وسائر الجهات، فيمكن إن يكون بهذه الجهة أفضل من المجموع وأما الذكر اللساني بدون الذكر القلبي كما هو الشايع عند أكثر الخلق أنهم يذكرون الله باللسان على سبيل العادة مع غفلتهم عنه، وشغل قلبهم بما يلهى عن الله