ويحقره وادعاء الكمال لنفسه ضمنا، وهذا إدلال وتفاخر وتكبر فلذا لا يقبله الشيطان لكونه أقبح فعالا منه، على أن الشيطان لا يعتمد على ولايته له، لان شانه نقض الولاية لا عن شئ، فلذلك لا يقبله انتهى.
ولا يخفى ما في هذه الوجوه، لا سيما في الأخيرين، على من له أدنى مسكة بل المراد إما المحبة والنصرة، فيقطع الله عنه محبته ونصرته ويكله إلى الشيطان الذي اختار تسويله، وخالف أمر ربه، وعدم قبول الشيطان له، لأنه ليس غرضه من إضلال بني آدم كثرة الاتباع والمحبين، فيودهم وينصرهم إذا تابعوه، بل مقصوده إهلاكهم وجعلهم مستوجبين للعذاب للعداوة القديمة بينه وبين أبيهم، فإذا حصل غرضه منهم يتركهم ويشمت بهم، ولا يعينهم في شئ لا في الدنيا كما قال سبحانه: " فمثله كمثل الشيطان إذ قال للانسان أكفر فلما كفر قال إني برئ منك " (1) وكما هو المشهور من قصة برصيصا وغيره، ولا في الآخرة لقوله:
" فلا تلوموني ولوموا أنفسكم " (2) أو المراد التولي والسلطنة أي يخرجه الله من حزبه وعداد أوليائه ويعده من أحزاب الشيطان، وهو لا يقبله لأنه يتبرا منه كما عرفت، ويحتمل أن يكون عدم قبول الشيطان كناية عن عدم الرضا بذلك منه، بل يريد أن يكفره ويجعله مستوجبا للخلود في النار.
41 - الكافي: عنه، عن أحمد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال: قلت له: عورة المؤمن على المؤمن حرام؟ قال: نعم، قلت: تعني سفليه؟
قال: ليس حيث تذهب إنما هو إذاعة سره (3).
بيان: الضمير في له للصادق عليه السلام وفي النهاية العورة كل ما يستحيي منه إذا ظهر انتهى، وغرضه عليه السلام أن المراد بهذا الخبر إفشاء السر لا أن النظر إلى عورته ليس بحرام، والمراد بحرمة العورة حرمة ذكرها وإفشائها، والسفلين العورتين وكنى عنهما لقبح التصريح بهما.