وأن لا يرفع بصره عنهم إلى مجالسة الاشراف.
" ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا " قيل: فيه أقوال: أحدها أن معناه ولا تطع من جعلنا قلبه غافلا عن ذكرنا بتعريضه للغفلة، ولهذا قال: " واتبع هواه " ومثله " فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم " وثانيها: نسبنا قلبه إلى الغفلة كما يقال: أكفره إذا نسبه إلى الكفر، وثالثها صادفناه غافلا، ورابعها جعلناه غفلا لم نسمه بسمة قلوب المؤمنين، ولم نعلم فيه علامة لتعرفه الملائكة بتلك السمة، وخامسها تركنا قلبه وخذلناه، وخلينا بينه وبين الشيطان بتركه أمرنا " واتبع هواه " أي في شهواته وأفعاله " وكان أمره فرطا " أي سرفا وإفراطا وتجاوزا عن الحد أو ضياعا وهلاكا.
وأقول: فيها مدح عظيم للفقراء، وحث على مصاحبتهم ومجالستهم، إذا كانوا زاهدين في الدنيا، مواظبين على ذكر الله والصلوات، ومنع عن مجالسة الأغنياء المتكبرين اللاهين عن الله.
قوله تعالى: " تبارك " (1) أي تقدس " الذي إن شاء جعل لك " أي في الدنيا " خيرا من ذلك " أي مما قالوا " ويجعل لك قصورا " في الدنيا أو في الآخرة على القراءتين ومعلوم من السياق أن الآخرة خير من الدنيا، واختارها الله لأحب خلقه.
" ولولا أن يكون الناس " (2) قد مر تفسيره مرارا.
قوله سبحانه: " فأما الانسان إذا ما ابتلاه ربه " (3) أي اختبره وامتحنه بالنعمة " فأكرمه " بالمال " ونعمه " بما وسع عليه من أنواع الافضال " فيقول ربي أكرمن " أي فيفرح بذلك ويسر.
1 - المؤمن: باسناده عن الأصبغ قال: كنت عند أمير المؤمنين عليه السلام قاعدا فجاء رجل فقال: يا أمير المؤمنين والله إني لأحبك في الله، فقال: صدقت إن