في الدنيا والآخرة، وقد قال الله عز وجل " والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين " (1) وأثابه الله مكان غيظه ذلك (2) بيان: " وقد قال الله " بيان لعز الآخرة، لأنه تعالى قال في سورة آل عمران " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين * الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ " قال البيضاوي (3) الممسكين عليه الكافين عن إمضائه مع القدرة من كظمت القربة إذا ملأتها وشددت رأسها وعن النبي (صلى الله عليه وآله): من كظم غيظا وهو يقدر على إنفاذه ملا الله قلبه أمنا وإيمانا " والعافين عن الناس " التاركين عقوبة من استحقوا مؤاخذته " والله يحب المحسنين " يحتمل الجنس ويدخل تحته هؤلاء، والعهد فيكون إشارة إليهم انتهى فكفى عزا لهم في الآخرة بأن بشر الله لهم بالجنة وحكم بأنها أعدت لهم وأنه تعالى يحبهم.
ويحتمل أن يكون تعليلا لعز الدنيا أيضا بأنهم يدخلون تحت هذه الآية وهذا شرف في الدنيا أيضا أو يدل الآية على أنهم من المحسنين وممن يحبهم الله ومحبوبه تعالى عزيز في الدنيا والآخرة كما قيل.
قوله (عليه السلام): " وأثابه الله مكان غيظه ذلك " يحتمل أن يكون ذلك إشارة إلى المذكور في الآية، ويكون فيه تقدير أي مكان كظم غيظه أي لأجله أو عوضه ويحتمل أن يكون ذلك عطف بيان أو بدلا من غيظه، ويكون " أثابه " عطفا على " زاده " أي ويعطيه الله أيضا مع عز الدنيا والآخرة أجرا لأصل الغيظ لأنه من البلايا التي يصيب الانسان بغير اختياره، ويعطي الله لها عوضا على اصطلاح المتكلمين فالمراد بالثواب العوض، لان الثواب إنما يكون على الأمور الاختيارية بزعمهم والغيظ ليس باختياره، وإن كان الكظم باختياره، فالجنة على الكظم، والثواب أي العوض لأصل الغيظ، وقيل: المراد بالمكان المنزل المخصوص لكل من أهل