42 - مصباح الشريعة: قال الصادق (عليه السلام): التوكل كأس مختوم يختم الله عز وجل فلا يشرب بها ولا يفض ختامها إلا المتوكل كما قال الله تعالى: " وعلى الله فليتوكل المتوكلون " (1) وقال الله عز وجل: " وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين " (2) جعل التوكل مفتاح الايمان، والايمان قفل التوكل، وحقيقة التوكل الايثار وأصل الايثار تقديم الشئ بحقه، ولا ينفك المتوكل في توكله من إثبات أحد الايثارين، فان آثر معلول التوكل وهو الكون، حجب به، وإن آثر (المعلل) علة التوكل وهو الباري سبحانه بقي معه فان أردت أن تكون متوكلا لا متعللا فكبر على روحك خمس تكبيرات وودع أمانيك كلها، وداع الموت والحياة وأدنى حد التوكل أن لاتسابق مقدورك بالهمة، ولا تطالع مقسومك، ولا تستشرف معدومك، فينتقض بأحدها عقد إيمانك، وأنت لا تشعر وإن عزمت أن تقف على بعض شعار المتوكلين حقا فاعتصم بمعرفة هذه الحكاية وهي أنه روي أن بعض المتوكلين قدم على بعض الأئمة، فقال له: اعطف علي بجواب مسألة في التوكل، والامام كان يعرف الرجل بحسن التوكل، ونفيس الورع، وأشرف على صدقه فيما سأل عنه، من قبل إبدائه إياه، فقال له: قف مكانك وأنظرني ساعة، ففعل فبينما هو مطرق لجوابه إذا اجتاز بهما فقير، فأدخل الإمام (عليه السلام) يده في جيبه وأخرج شيئا فناوله للفقير، ثم أقبل على السائل فقال:
هات وسل عما بدا لك فقال السائل: أيها الامام كنت أعرفك قادرا متمكنا من جواب مسألتي قبل أن استنظرتني فما شأنك في إبطائك عني؟ فقال الامام: لتعتبر المعنى مني قبل كلامي، إذا لم أكن أراني ساهيا بسري وربي مطلع عليه أن أتكلم بعلم التوكل، وفي جيبي دانق، ثم لم يحل لي ذلك إلا بعد إيتائه (3) ثم