والثقل والخفة في الموازين إشارة إلى قوله تعالى " فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاوية " (1) واعلم أنه لا خلاف في حقية الميزان، وقد نطق به صريح القرآن في مواضع لكن اختلف المتكلمون من الخاصة والعامة في معناه، فمنهم من حمله على المجاز، وأن المراد من الموازين هي التعديل بين الأعمال والجزاء عليها ووضع كل جزاء في موضعه، وإيصال كل ذي حق إلى حقه، ذهب إليه الشيخ المفيد قدس الله روحه، وجماعة من العامة، والأكثرون منا ومنهم حملوه على الحقيقة وقالوا: إن الله ينصب ميزانا له لسان وكفتان، يوم القيامة، فتوزن به أعمال العباد والحسنات والسيئات واختلفوا في كيفية الوزن لان الأعمال أعراض لا تجوز عليها الإعادة ولا يكون لها وزن ولا تقوم بأنفسها، فقيل: توزن صحائف الأعمال وقيل: تظهر علامات للحسنات، وعلامات للسيئات في الكفتين فتراها الناس، وقيل: تظهر للحسنات صور حسنة، وللسيئات صور سيئة، وهو مروى عن ابن عباس، و قيل: بتجسم الأعمال في تلك النشأة، وقالوا بجواز تبدل الحقائق في النشأتين كما في النوم واليقظة وقيل: توزن نفس المؤمن والكافر فعن عبيد بن عمير قال: يؤتى بالرجل العظيم الجثة فلا يزن جناح بعوضة، وقيل: الميزان واحد والجمع باعتبار أنواع الأعمال والاشخاص، وقيل: الموازين متعددة بحسب ذلك، وقد ورد في الاخبار أن الأئمة (عليهم السلام) هم الموازين القسط، فيمكن حملها على أنهم الحاضرون عندها والحاكمون عليها، وعدم صرف ألفاظ القرآن عن حقائقها بدون حجة قاطعة أولى فعلى القول بظاهر الميزان نسبة الخفة والثقل إلى الموازين باعتبار كفة
(٢٢٦)