بيان: قال المحقق الطوسي قدس سره: الصبر حبس النفس عن الجزع عند المكروه، وهو يمنع الباطن عن الاضطراب، واللسان عن الشكاية، والأعضاء عن الحركات غير المعتادة انتهى، وقد مر وسيأتي أن الصبر يكون على البلاء وعلى فعل الطاعة، وعلى ترك المعصية، وعلى سوء أخلاق الخلق، قال الراغب:
الصبر الامساك في ضيق يقال: صبرت الدابة حبستها بلا علف، وصبرت فلانا حلفته حلفة لا خروج له منها، والصبر حبس النفس على ما يقتضيه العقل أو الشرع أو عما يقتضيان حبسها عنه فالصبر لفظ عام وربما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه فإن كان حبس النفس لمصيبة سمي صبرا لاغير ويضاده الجزع، وإن كان في محاربة سمي شجاعة ويضاده الجبن، وإن كان في نائبة مضجرة سمي رحب الصدر ويضاده الضجر، وإن كان في إمساك الكلام سمي كتمانا ويضاده الإذاعة (1) وقد سمى الله تعالى كل ذلك صبرا ونبه عليه بقوله: " والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس - والصابرين على ما أصابهم - والصابرين والصابرات " (2) وسمي الصوم صبرا لكونه كالنوع له، وقوله: " اصبروا وصابروا " (3) أي احبسوا أنفسكم على العبادة، وجاهدوا أهواءكم، وقوله عز وجل: " واصطبر لعبادته " (4) أي تحمل الصبر بجهدك، وقوله: " أولئك يجزون الغرفة بما صبروا " (5) أي بما تحملوه من الصبر في الوصول إلى مرضاة الله (6) قوله: " رأس الايمان " هو من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس، ووجه الشبه ما سيأتي في رواية علاء بن الفضيل، ووجهه أن الانسان ما دام في تلك النشأة هو مورد