كما لاثواب لطاعة مع الكفر، وذهب الآخرون إلى ثبوت الثواب والعقاب في حقه أما المعتزلة فبعنوان الاستحقاق المعلوم عقلا باعتبار الحسن والقبح العقليين وشرعا باعتبار الآيات الدالة عليه من الوعد والوعيد وأما الأشاعرة فبعنوان الانتفاء (1) يقولون: إنه لا يجب على الله شئ، فلا يستحق المكلف ثوابا منه تعالى فان أثابه فبفضله، وإن عاقبه فبعدله، بل له إثابة العاصي وعقاب المطيع أيضا وبالجملة قول: المعتزلة في المؤمن الخارج من الدنيا بغير توبة عن كبيرة ارتكبها أنه استحق الخلود في النار، لكن يكون عقابه أخف من عقاب الكفار أما مطلق الاستحقاق فلما عرفت، وأما خصوص الخلود فللعمومات المتأولة عند غيرهم بتخصيصها بالكفار أو بحمل الخلود على المكث الطويل كقوله تعالى: " ومن يعص الله ورسوله فان له نار جهنم خالدا فيها " (2) وقوله: " ومن يتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها " (3) فلهذا حكموا بأن كبيرة واحدة تحبط جميع الطاعات فان الخلود الموعود مستلزم لذلك، هذا قول جمهورهم في أصل الاحباط ثم إن الجبائيين أبا على وابنه أبا هاشم منهم على ما نقل عنهما الآمدي ذهبا إلى اشتراط الكثرة في المحبط، بمعنى أن من زادت معاصيه على طاعته أحبطت معاصيه طاعاته، وبالعكس، لكنهما اختلفا فقال أبو علي: ينحبط الناقص برمته من غير أن ينتقص من الزائد شئ وقال أبو هاشم: بل ينتقص من الزايد أيضا بقدره ويبقي الباقي إذا عرفت هذا فاعلم أن ما ذكره أكثر أصحابنا من نفي الاحباط والتكفير مع ورود الآيات الكثيرة، والأخبار المستفيضة، بل المتواترة بالمعنى في كل منهما، مما يقضي منه العجب مع أنه ليس لهم على ذلك إلا شبه ضعيفة مذكورة
(١٩٨)