وأنعام أيضا وقيل: النعم الإبل خاصة، والانعام ذوات الخف والظلف، وهي الإبل والبقر والغنم، وقيل: تطلق الانعام على هذه الثلاثة فإذا انفردت الإبل فهي نعم، وإن انفردت البقر والغنم لم تسم نعما كذا في المصباح.
وقال الكرماني: حمر النعم بضم الحاء وسكون الميم أي أقواها وأجلدها وقال الطيبي: أي الإبل الحمر وهي أنفس أموال العرب وقال في المغرب: حمر النعم كرائمها وهي مثل في كل نفيس، وقيل الحسن أحمر انتهى.
وربما يقرأ النعم بالكسر جمع نعمة فالحمرة كناية عن الحسن أي محاسن النعم، والأول أشهر وأظهر.
والخبر يحتمل وجهين: الأول أن يكون الذل بالضم والباء للسبية أو المصاحبة، أي لا أحب أن يكون لي مع ذل نفسي أو بسببه نفائس أموال الدنيا أقتنيها أو أتصدق بها لأنه لم يكن للمال عنده (عليه السلام) قدر ومنزلة، وقال الطيبي هو كناية عن خير الدنيا كله، والحاصل أني ما أرضى أن أذل نفسي ولي بذلك كرائم الدنيا، ونبه (عليه السلام) بذكر تجرع الغيظ عقيب هذا على أن في التجرع العز وفي المكافاة الذل كما مر وسيأتي أو المعنى مع أني لا أرضي بذل نفسي أحب ذلك لكثرة ثوابه، وعظم فوائده، والأول أظهر.
الثاني أن يكون الذل بالكسر والباء للعوض أي لا أرضى أن يكون لي عوض انقياد نفسي وسهولتها وتواضعها أو بالضم أيضا أي المذلة الحاصلة عند إطاعة أمر الله بكظم الغيظ والعفو نفائس الأموال، وقيل: التشبيه للتقريب إلى الافهام وإلا فذرة من الآخرة خير من الأرض وما فيها.
قوله (عليه السلام): " وما تجرعت جرعة " الجرعة من الماء كاللقمة من الطعام، وهو ما يجرع مرة واحدة، والجمع جرع كغرفة وغرف، وتجرع الغصص مستعار منه وأصله الشرب من عجلة وقيل الشرب قليلا وإضافة الجرعة إلى الغيظ من قبيل لجين الماء، والغيظ صفة للنفس عند احتدادها موجبة لتحركها نحو الانتقام، وفي الكلام تمثيل.