وقد وردت أخبار بأن الغاوين قوم وصفوا عدلا ثم خالفوه إلى غيره 79 - الكافي: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال عمن رواه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من لم يحسب كلامه من عمله كثرت خطاياه وحضر عذابه (1) بيان: " من لم يحسب " من باب نصر من الحساب أو كنعم من الحسبان بمعنى الظن والأول أظهر وهذا رد على ما يسبق إلى أوهام أكثر الخلق من الخواص والعوام أن الكلام ليس مما يترتب عليه عقاب، فيجترؤن على أنواع الكلام بلا تأمل وتفكر، مع أن أكثر أنواع الكفر والمعاصي من جهة اللسان، لان اللسان له تصرف في كل موجود وموهوم ومعدوم، وله يد في العقليات والخياليات والمسموعات والمشمومات والمبصرات والمذوقات والملموسات، فصاحب هذا الحسبان الباطل لا يبالي بالكلام في أباطيل هذه الأمور وأكاذيبها فيجتمع عليه من كل وجه خطيئة، فتكثر خطاياه وأما غير اللسان فخطاياه قليلة، بالنسبة إليه فان خطيئة السمع ليست إلا المسموعات، وخطيئة البصر ليست إلا المبصرات، وقس عليهما سائر الجوارح والمراد بحضور عذابه حضور أسبابه، وقيل: إنما حضر عذابه لأنه أكثر ما يكون يندم على بعض ما قاله، ولا ينفعه الندم، ولأنه قلما يكون كلام لا يكون موردا للاعتراض ولا سيما إذا كثر 80 - الكافي: عن علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يعذب الله اللسان بعذاب لا يعذب به شيئا من الجوارح، فيقول: يا رب عذبتني بعذاب لم تعذب به شيئا؟ فيقول له: خرجت منك كلمة فبلغت مشارق الأرض ومغاربها، فسفك بها الدم الحرام، وانتهب بها المال الحرام، وانتهك بها الفرج الحرام، وعزتي وجلالي لأعذبنك بعذاب
(٣٠٤)