مما ذكره الزمخشري من أن " لا " غير مزيدة، والمعنى أن الحسنة والسيئة متفاوتتان في أنفسهما، فخذ بالحسنة التي هي أحسن أن تحسن إليه مكان إساءته " فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم " أي إذا فعلت ذلك صار عدوك المشاق مثل الولي الشفيق " وما يلقيها " أي ما يلقى هذه السجية وهي مقابلة الإساءة بالاحسان " إلا الذين صبروا " فإنها تحبس النفس عن الانتقام " وما يلقيها إلا ذو حظ عظيم " من الخير وكمال النفس، وقيل: الحظ العظيم الجنة، يقال:
لقاه الشئ أي ألقاه إليه " حتى نالوه بالعظائم " يعني نسبوه إلى الكذب والجنون والسحر وغير ذلك وافتروا عليه " أنك يضيق صدرك " كناية عن الغم " بما يقولون " من الشرك أو الطعن فيك وفي القرآن والاستهزاء بك وبه " فسبح بحمد ربك " أي فنزه ربك عما يقولون مما لا يليق به متلبسا بحمده في توفيقك له، أو فانزع إلى الله فيما نالك من الغم بالتسبيح والتحميد، فإنهما يكشفان الغم عنك " وكن من الساجدين " للشكر في توفيقك أو رفع غمك أو كن من المصلين، فان في الصلاة قطع العلايق عن الغير " إنه ليحزنك الذي يقولون " الضمير للشأن أي ما يقولون إنك شاعر أو مجنون أو أشباه ذلك " فإنهم لا يكذبونك " قال الطبرسي رحمه الله: اختلف في معناه على وجوه:
أحدها أن معناه لا يكذبونك بقلوبهم اعتقادا، وإن كانوا يظهرون بأفواههم التكذيب عنادا، وهو قول أكثر المفسرين، ويؤيده ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله لقي أبا جهل فصافحه أبو جهل فقيل له في ذلك فقال: والله إني لاعلم أنه صادق، ولكنا متى كنا تبعا لعبد مناف؟ فأنزل الله هذه الآية وثانيها أن المعنى لا يكذبونك بحجة ولا يتمكنون من إبطال ما جئت به ببرهان، ويدل عليه ما روي عن علي (عليه السلام) أنه كان يقرء " لا يكذبونك " ويقول:
إن المراد بها أنهم لا يأتون بحق هو أحق من حقك