للمصائب والآفات، ومحل للحوادث والنوائب والعاهات، ومبتلى بتحمل الأذى من بني نوعه في المعاملات، ومكلف بفعل الطاعات، وترك المنهيات والمشتهيات وكل ذلك ثقيل على النفس لا تشتهيها بطبعها، فلابد من أن تكون فيه قوة ثابتة وملكة راسخة بها يقتدر على حبس النفس على هذه الأمور الشاقة، ورعاية ما يوافق الشرع والعقل فيها، وترك الجزع والانتقام، وسائر ما ينافي الآداب المستحسنة المرضية عقلا وشرعا، وهي المسماة بالصبر، ومن البين أن الايمان الكامل بل نفس التصديق أيضا يبقى ببقائه، ويفنى بفنائه، فلذلك هو من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد 3 - الكافي: عن العدة، عن البرقي، عن أبيه، عن علي بن النعمان، عن عبد الله ابن مسكان، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الحر حر على جميع أحواله إن نابته نائبة صبر لها، وإن تداكت عليه المصائب لم تكسره وإن أسر وقهر واستبدل باليسر عسرا كما كان يوسف الصديق الأمين لم يضرر حريته أن استعبد وقهر وأسر، ولم يضرره ظلمة الجب ووحشته وما ناله، أن من الله عليه فجعل الجبار العاتي له عبدا بعد إذ كان مالكا فأرسله ورحم به أمة وكذلك الصبر يعقب خيرا فاصبروا ووطنوا أنفسكم على الصبر توجروا (1) ايضاح: الحر ضد العبد، والمراد هنا من نجا في الدنيا من رق الشهوات النفسانية واعتق في الآخرة من أغلال العقوبات الربانية، فهو كالاحرار عزير غني في جميع الأحوال، قال الراغب: الحر خلاف العبد، والحرية ضربان الأول من لم يجر عليه حكم السبي، نحو " الحر بالحر " (2) والثاني من لم يتملكه قواه الذميمة من الحرص والشره على القنيات الدنيوية، وإلى العبودية التي تضاد ذلك أشار النبي (صلى الله عليه وآله) بقوله: تعسر عبد الدرهم تعسر عبد الدينار، وقول الشاعر:
ورق ذوي الأطماع رق مخلد، وقيل: عبد الشهوة أذل من عبد الرق (3) انتهى