وقال بعض الأفاضل: لا يقال: الغيظ أمر جبلي لا اختيار للعبد في حصوله فكيف يكلف برفعه؟ لأنا نقول هو مكلف بتصفية النفس على وجه لا يحركها أسباب الغيظ بسهولة.
وأقول: على تقدير حصول الغيظ بغير اختياره فهو غير مكلف برفعه، ولكنه مكلف بعدم العمل بمقتضاه، فإنه باختياره غالبا، وإن سلب اختياره فلا يكون مكلفا.
21 - الكافي: عن محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن ابن سنان وعلي بن النعمان عن عمار بن مروان، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: نعم الجرعة الغيظ لمن صبر عليها، فان عظيم الاجر لمن عظيم البلاء، وما أحب الله قوما إلا ابتلاهم (1) بيان: " لمن عظيم البلاء " أي الامتحان والاختبار فان الله تعالى ابتلى المؤمنين بمعاشرة المخالفين والظلمة وأرباب الأخلاق السيئة، وأمرهم بالصبر وكظم الغيظ وهذا من أشد البلاء وأشق الابتلاء.
22 - الكافي: عن محمد بن يحيى، عن علي بن النعمان، ومحمد بن سنان، عن عمار ابن مروان، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) قال: اصبر على أعداء النعم، فإنك لن تكافي من عصى الله فيك بأفضل من أن تطيع الله فيه (2) ايضاح: لعل المراد بأعداء النعم الحاسدون الذين يحبون زوال النعم من غيرهم، فهم أعداء لنعم غيرهم، يسعون في سلبها، أو الذين أنعم الله عليهم بنعم وهم يطغون ويظلمون الناس، فبذلك يتعرضون لزوال النعم عن أنفسهم، فهم أعداء لنعم أنفسهم، ويحتمل أن يكون المراد بالنعم الأئمة (عليهم السلام).
" من عصى الله فيك " بالحسد وما يترتب عليه أو بالظلم أو الطغيان والأذى " من أن تطيع الله فيه " بالعفو وكظم الغيظ والصبر على أذاه كما قال تعالى " والكاظمين