المعدة ليتهندم على تحدبها، ويأتيها من هناك شريان صغير يتفرق فيها، ينفذ فيه الروح إليها، ويحفظ حرارتها، ويعدلها بالنبض. وجعل مسلكه إلى مقعرها لان حدبتها تروح بحركة الحجاب. ولها زوائد أربعة أو خمسة يحتوي بها على المعدة كما يحتوي الكف على المقبوض بالأصابع.
وشأنها أن تمتص الكيلوس من المعدة والأمعاء وتجذبه إلى نفسها في العروق المسماة بماساريقا، وليس في داخلها فضاء يجتمع فيه الكيلوس، لكنه يتفرق في الشعب التي فيها من العرقين النابتين منها، يسمى أحدهما الباب، والآخر الأجوف.
وبيان ذلك أن الباب ينبت من تقعيرها وينقسم أقساما، ثم تنقسم تلك الأقسام إلى أقسام كثيرة جدا، ويأتي منها أقسام يسيرة إلى قعر المعدة والاثني عشري وأقسام كثيرة إلى المعاء الصائم ثم إلى سائر الأمعاء حتى يبلغ المعاء المستقيم، وفيها ينجذب الغذاء إلى الكبد، فلا يزال كلما انجذب يصير من الأضيق إلى الأوسع حتى يجتمع في الباب. ثم الباب ينقسم أيضا في داخل الكبد إلى أقسام في دقة الشعر، ويتفرق ما انجذب من الغذاء فيها، ويطبخه لحم الكبد حتى يصير دما.
والأجوف ينبت من حدبتها، وهو عرق عظيم منه ينبت جميع العروق التي في البدن، وأصله ينقسم في الكبد إلى أقسام في دقة الشعر تلتقي مع الأقسام المنقسمة فيها من الباب، فيرتفع الدم من تلك الأقسام إليها، ثم يجتمع من أدقها إلى أوسعها حتى يحصل جملة الدم كله في الأجوف، ثم يتفرق منه في البدن في شعبه الخارجة وهو إذا طلع من الكبد لم يمر كثيرا حتى ينقسم قسمين:
أحدهما وهو الأعظم يأخذ إلى أسفل البدن يسقي جميع الأعضاء التي هناك والثاني يأخذ إلى الأعلى ليسقي الأعضاء العالية. وهذا القسم تمر حتى يلاصق الحجاب، وينقسم من هناك عرقان يتفرقان في الحجاب ليغذواه ثم ينفذان الحجاب فإذا نفذاه انقسمت منهما عروق دقيقة، واتصلت بالغشاء الذي يقسم الصدر بنصفين وبغلاف القلب، وبالغدة التي تسمى " التوثة " (1) وتفرقت فيها.