واعلم يا أمير المؤمنين أن كل واحدة من هذه الطبائع تحت ما يشاكلها، فاغتذ ما يشاكل جسدك، ومن أخذ من الطعام زيادة لم (1) يغذه ومن أخذه بقدر لا زيادة عليه ولا نقص في غذائه نفعه. وكذلك الماء فسبيله أن تأخذ من الطعام كفايتك في أيامه (2) وارفع يديك منه ويك إليه بعض القرم (3)، وعندك إليه ميل، فإنه أصلح لمعدتك ولبدنك، وأزكى لعقلك (4) وأخف لجسمك (5).
يا أمير المؤمنين، كل البارد في الصيف، والحار في الشتاء، والمعتدل في الفصلين على قدر قوتك وشهوتك. وابدأ في أول الطعام بأخف الأغذية التي يغتذي بها بدنك بقدر عادتك وبحسب طاقتك ونشاطك. وزمانك الذي يجب أن يكون أكلك في كل يوم عندما يمضي من النهار ثمان ساعات أكلة واحدة، أو ثلاث أكلات في يومين تتغذى باكرا في أول يوم، ثم تتعشى، فإذا كان في اليوم الثاني، فعند مضي ثمان ساعات من النهار أكلت أكلة واحدة ولم تحتج إلى العشاء. وكذا أمر جدي محمد صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام في كل يوم وجبة، (6) وفي غده وجبتين. وليكن ذلك بقدر لا يزيد ولا ينقص.
وارفع يديك من الطعام وأنت تشتهيه، وليكن شرابك على أثر طعامك من الشراب الصافي العتيق مما يحل شربه، والذي أنا واصفه فيما بعد.
ونذكر الآن ما ينبغي ذكره من تدبير فصول السنة وشهورها الرومية الواقعة فيها في كل فصل على حدة، وما يستعمل من الأطعمة والأشربة وما يجتنب منه، وكيفية حفظ الصحة من أقاويل القدماء ونعود إلى قول الأئمة عليهم السلام في صفة شراب يحل شربه ويستعمل بعد الطعام.