الثاني واضح، وعلى الأول يمكن حملها على الأعضاء الظاهرة الجامعة للباطنة كما قيل.
وأقول: يمكن أن يكون المراد بالأعضاء أجزاء الأعضاء. والملاءمة: الموافقة والأحناء: جمع حنو - بالكسر - وهو الجانب، وفي النهاية: لاحنائها أي معاطفها والغرض الإشارة إلى الحكم والمصالح المرعية في تركيب الأعضاء وترتيبها وجعل كل منها في موضع يليق بها، كما بين بعضها في علم التشريح وكتب منافع الأعضاء والظرف متعلق بالملائمة، وقيل: كأنه قال: مركبة ومصورة، فأتى بلفظة " في " كما تقول: ركب في سلاحه أو بسلاحه أي متسلحا، والارفاق: جمع رفق - بالكسر - وهو المنفعة، وفي القاموس: هو ما استعين به، والارفاق على هذا عبارة عن الأعضاء وسائر ما يستعين به الانسان، والباء للاستعانة أو السببية بخلاف الأول، وروي " بأرماقها " والرمق: بقية الروح، والرود: الطلب. " في مجللات نعمه " بصيغة الفاعل أي النعم التي تجلل الناس أي تغطيهم كما يتجلل الرجل بالثوب، وقيل: أي التي تجلل الناس وتعمهم من قولهم " سحاب مجلل " أي يطبق الأرض، والظرف متعلق بمحذوف والموضع نصب على الحال. والمراد بموجبات المنن - على صيغة الفاعل - النعم التي توجب الشكر، ويروى على صيغة المفعول أي النعم التي أوجبها الله على نفسه لكونه الجواد المطلق، وقيل: أي ما سقط من نعمه وأفيض على العباد من الوجوب بمعنى السقوط.
وحواجز العافية: ما يدفع المضار، ويروى " حواجز بليته " أي ما يمنعها.
والامتنان بستر الأعمار لكون الاطلاع عليها واشتغال الخاطر بخوف الموت مما يبطل نظام الدنيا، والغرض تنبيه الغافل عن انقضاء العمر لستر حده وانتهائه. وخلف العبر إبقاؤها بعد ارتحال الماضين كأنها خليفة لهم.
" أم هذا الذي.. " قيل: أم ههنا إما استفهامية على حقيقتها كأنه قال:
أعظكم وأذكركم بحال الشيطان وإغوائه أم بحال الانسان من ابتداء وجوده إلى حين مماته وإما أن تكون منقطعة بمعنى بل كأنه قال عادلا وتاركا لما وعظهم به: