فيقولان: يا رب ما نكتب؟ قال: فيوحي الله عز وجل إليهما أن ارفعا رؤوسكما إلى رأس أمه، فيرفعان رؤوسهما فإذا اللوح يقرع جبهة أمه، فينظران فيه فيجدان في اللوح صورته ورؤيته (1) وأجله وميثاقه شقيا أو سعيدا وجميع شأنه. قال: فيملي أحدهما على صاحبه فيكتبان جميع ما في اللوح، ويشترطان البداء في ما يكتبان، ثم يختمان الكتاب ويجعلانه بين عينيه، ثم يقيمانه قائما في بطن أمه. قال: فربما عتا فانقلب، ولا يكون ذلك إلا في كل عات (2) أو مارد: فإذا بلغ أوان خروج الولد تاما أو غير تام أوحى الله عز وجل إلى الرحم أن افتحي بابك حتى يخرج خلقي إلى أرضي وينفذ فيه أمري فقد بلغ أوان خروجه. قال: فيفتح الرحم باب الولد فيبعث الله عز وجل إليه ملكا يقال له " زاجر " فيزجره زجرة فيفزع منها الولد، فينقلب فيصير رجلاه فوق رأسه ورأسه في أسفل البطن ليسهل الله على المرأة وعلى الولد الخروج. قال:
فإذا احتبس زجره الملك زجرة أخرى فيفزع منها فيسقط الولد إلى الأرض باكيا فزعا من الزجرة (3).
بيان: قوله " أو ما يبدو له فيه " من البداء، وقد مر معناه في محله والمعنى:
لم يؤخذ عليه الميثاق أولا في صلب آدم ولكن بدا له ثانيا بعد خروجه من صلبه أن يأخذ عليها الميثاق، ويحتمل أن يكون المراد به ما فسر به غير المخلقة في الخبر السابق فيكون مشاركا للأول في بعض ما سيذكر، كما أن القسم الأول أيضا قد يسقط قبل كماله فلا يجري فيه جميع ما في الخبر، ويحتمل أيضا أن يراد بالأول من يصل إلى حد التكليف ويؤخذ بما اخذ عليه من الميثاق، وبالثاني من يموت قبل ذلك " حرك الرجل " بإلقاء الشهوة عليه، والايحاء كأنه على سبيل الامر التكويني لا التكليفي أي تنفتح بقدرته وإرادته تعالى، أو كناية عن فطره إياها على الإطاعة طمعا كما قيل.
" فتردد " بحذف إحدى التائين، أي تتحول من حال إلى حال، وقد مر أن الخلق