باعتبار أن الطفل يمتص من غير ثدي أمه أيضا، أو عرفك عند الحاجة إلى كل شئ في دار الدنيا مواضع طلبك. وفي بعض النسخ " وحرك عند الحاجة " فالمراد بمواضع الطلب القوى والآلات التي يحصل بها اجترار الغذاء. " هيهات " أي بعد أن يحيط علما بصفات خالقه الذي هو أبعد الأشياء منه من حيث الحقيقة لعدم المشابهة والمجانسة وليس له حدود المخلوقين من لا يقدر على وصف نفسه مع أنه أقرب الأشياء إليه و غيره من ذوي الهيئة والأدوات، المجانس له في الذات والصفات، المتصف بحدود المخلوقين.
35 - النهج: جعل لكم أسماعا لتعي ما عناها، وأبصارا لتجلو عن عشاها، و أشلاء جامعة لأعضائها، ملائمة لاحنائها، في تركيب صورها ومدد عمرها، بأبدان قائمة بأرفاقها، وقلوب رائدة لارزاقها، في مجللات نعمه، وموجبات مننه، وحواجز بليته، وحوائز عافيته (1) وقدر لكم أعمارا سترها عنكم، وخلف لكم عبرا من آثار الماضين قبلكم - إلى قوله عليه السلام - أم هذا الذي أنشأه في ظلمات الأرحام وشغف الاستار نطفة دهاقا، وعلقة محاقا، وجنينا وراضعا، ووليدا ويافعا، ثم منحه قلبا حافظا ولسانا لافظا، وبصرا لاحظا، ليفهم معتبرا، ويقصر مزدجرا، حتى إذا قام اعتداله واستوى مثاله، نفر مستكبرا - إلى آخر الخطبة - (2).
توضيح: وعاه يعيه: حفظه وجمعه، وعناه الامر يعينه ويعنوه: أهمه، و العشا - بالفتح والقصر -: سوء البصر بالليل والنهار، أو بالليل، أو العمى، وتجلو:
بمعنى تكشف، قيل: أقيم المجلو مقام المجلو عنه، والتقدير: لتجلو عن قواها عشاها، وقيل: كلمة " عن " زائدة أو بمعنى " بعد " والمفعول محذوف، والتقدير:
لتجلو الأذى بعد عشاها، وهو بعيد، والمراد جلاء العشا عن البصر الظاهر بأن ينظر إلى ما يعتبر به، أو عن القلب بأن يفرق بين الضار والنافع، والأشلاء: جمع شلو - بالكسر - وهو العضو، وفسره في القاموس بالجسد أيضا، وجمعها للأعضاء على