المنسوب إلى الملك بمعنى التقدير والتصوير والتخطيط كما هو معناه المعروف في أصل اللغة. " فيقتحمان " أي يدخلان من غير اختيار لها وإذن منها " وفيها الروح القديمة " أي الروح المخلوق في الزمان المتقادم قبل خلق جسده، وكثيرا ما يطلق القديم في اللغة والعرف على هذا المعنى كما لا يخفى على من تتبع كتب اللغة وموارد الاستعمالات والمراد بها النفس النباتية أو الروح الحيوانية أو الانسانية. قوله " رؤيته " أي ما يرى منه، ويمكن أن يقرأ بالتشديد بمعنى التفكر والفهم، والعتو مجاوزة الحد والاستكبار.
ثم اعلم أن للعلماء في أمثال هذا الخبر مسالك: فمنهم من آمن بظاهرها ووكل علمها إلى من صدرت عنه، وهذا سبيل المتقين; ومنهم من يقول: ما يفهم من ظاهره حق ولا عبرة باستبعاد الأوهام في ما صدر عن أئمة الأنام عليهم السلام; ومنهم من قال:
هذا على سبيل التمثيل، كأنه عليه السلام شبه ما يعلمه سبحانه من حاله وطينته وما يستحقه من الكمالات وما أودع فيه من درجات الاستعدادات بمجئ الملكين وكتابتهما على جبهته وغير ذلك; وقال بعضهم: قرع اللوح جبهة أمه كأنه كناية عن ظهور أحوال أمه وصفاتها وأخلاقها من ناصيتها وصورتها التي خلقت عليها كأنها جميعا مكتوبة عليها، وإنما يستنبط الأحوال التي ينبغي أن يكون الولد عليها من ناصية أمه (1) ويكتب ذلك على وفق ما ثمة للمناسبة التي تكون بينه وبينها، وذلك لان جوهر الروح إنما يفيض على البدن بحسب استعداده وقبوله إياه، واستعداد البدن تابع لاستعداد نفس الأبوين وصفاتهما وأخلاقهما لا سيما الأم المربية له على وفق ما جاء به من ظهر أبيه، فهي حينئذ مشتملة على أحواله الأبوية والأمية. وجعل الكتاب المختوم بين عينيه كناية عن ظهور صفاته وأخلاقه من ناصيته وصورته.
أقول: الأحوط والأولى عدم التعرض لأمثال هذه التأويلات الواهية، والتسليم لما ورد عن الأئمة الهادية عليهم السلام.
31 - الكافي: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل أو