ومضاعفات الاستار، بدئت من سلالة من طين، ووضعت في قرار مكين، إلى قدر معلوم وأجل مقسوم، تمور في بطن أمك جنينا، لا تحير دعاء، ولا تسمع نداء، ثم أخرجت من مقر [ك] إلى دار لم تشهدها، ولم تعرف سبل منافعها، فمن هداك لاجترار الغذاء من ثدي أمك، وعرفك عند الحاجة مواضع طلبك وإرادتك؟ هيهات! إن من يعجز عن صفات ذي الهيئة والأدوات فهو عن صفات خالقه أعجز، ومن تناوله بحدود المخلوقين أبعد (1).
توضيح: السوي: العدل، والوسط، ورجل سوي أي مستوي الخلقة غير ناقص. وأنشأ الخلق: ابتدأ خلقهم، والرعاية: الحفظ، والمرعي: من شمله حفظ الراعي. ومضاعفات الاستار أي الاستار المضاعفة، والحجب بعضها فوق بعض.
" بدئت من سلالة.. " إشارة إلى قوله تعالى " ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين (2) " وقد مر وجوه التفسير فيه، وهي جارية ههنا. و المكين: المتمكن، وهو في الأصل صفة للمستقر، وصف به المحل مبالغة، أو المراد تمكن الرحم في مكانها مربوطة برباطات كما سيأتي، والمعنى: في مستقر حصين هي الرحم " إلى قدر معلوم " أي مقدار معين من الزمان قدره الله للولادة. وقسمه - كضربه - وقسمه - بالتشديد - أي جزأه وفرقه، وقسم أمره أي قدره. والأجل المقسوم:
المدة المقدرة لحياة كل أحد، فالظرف متعلق بمحذوف، أي منتهيا إلى أجل مقسوم أو يقال: الوضع في الرحم غايته ابتداء الاجل أي مدة حياة الدنيا، ويحتمل أن يكون تأكيدا للقدر المعلوم. ومار الشئ - كقال -: تحرك، أو بسرعة واضطراب، والجنين الولد في البطن لاستتاره، من " جن " أي استتر، فإذا ولد فهو منفوس. والمحاورة:
الجواب ومراجعة النطق، ويقال " كلمته فما أحار إلي جوابا " أي يجبني. و دعوته دعاء: ناديته وطلبت إقباله. " لم تشهدها " أي لم تحضرها قبل ذلك ولم تعلم بحالها. والاجترار: الجذب. " مواضع طلبك " قيل: أي حلمة الثدي، والجمع