زبرة - وآتوني بالنحاس. فقالوا: ومن أين لنا الحديد والنحاس ما يسع هذا العمل؟
قال: سأريكم على (1) معادن الحديد والنحاس، فضرب لهم في جبلين حتى فلقهما ثم استخرج منهما معدنين من الحديد والنحاس. قالوا: بأي قوة نقطع الحديد والنحاس؟
فاستخرج لهم معدنا آخر من تحت الأرض يقال له " السامور " وهو أشد ما خلق الله تعالى بياضا، وهو الذي قطع به سليمان أساطين بيت المقدس وصخوره وجواهره، ثم قاس ما بين الجبلين ثم أوقد على جمع (2) من الحديد والنحاس النار، فصنع منه زبرا أمثال الصخور العظام، ثم أذاب النحاس فجعله كالطين والملاط لتلك الصخور من الحديد ثم بنى. وكيفية بنائه على ما ذكر أهل السير هو أنه لما قاس ما بين الجبلين وجد ما بينهما مائة فرسخ، فلما أنشأ في عمله حفر له الأساس حتى بلغ الماء، ثم جعل عرضه خمسين فرسخا، ثم وضع الحطب بين الجبلين ثم نسج عليه الحديد ثم نسج الحطب على الحديد، فلم يزل يجعل الحديد على الحطب والحطب على الحديد " حتى ساوى بين الصدفين " وهما الجبلان، ثم أمر بالنار فأرسلت فيه ثم " قال انفخوا حتى جعله نارا " ثم جعل يفرغ القطر عليه وهو النحاس المذاب فجعلت النار تأكل الحطب فيصير النحاس مكان الحطب حتى لزم الحديد النحاس، فصار كأنه برد حبرة من صفرة النحاس وحمرته وسواد الحديد وغبرته، فصار سدا طويلا عظيما حصينا كما قال تعالى " فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا ". وقال قتادة: ذكر لنا أن رجلا قال: يا نبي الله قد رأيت سد يأجوج ومأجوج قال: أنعته لي. قال كالبرد الحبر طريقة سوداء وطريقة حمراء. قال: قد رأيته. ويقال: إن موضع السد وراء " ملاذجرد " بقرب مشرق الصيف (3) بينه وبين الخزرة مسيرة اثنين وسبعين يوما.
وروي عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: كان ذو القرنين قد ملك ما بين المشرق والمغرب وكان له خليل من الملائكة اسمه " رفائيل " يأتيه ويزوره، فبينما هما ذات يوم يتحدثان إذ قال ذو القرنين: يا رفائيل! حدثني عن عبادتكم في السماء