قال: قال: خرجت حتى إذا جاوزت الصين، ثم سألت عنهم، فقيل: إن بينك وبينهم مسيرة يوم وليله، فاستأجرت رجلا فسرت بقية عشيتي وليلتي حتى صبحتهم، فإذا أحدهم يفرش اذنه ويلبس الأخرى وان صاحبي يحسن لسانهم فسألهم، وقال: جئنا ننظر كيف تطلع الشمس، فبينا نحن كذلك إذ سمعنا كهيئة الصلصلة فغشي علي فأفقت وهم يمسحونني بالدهن، فلما طلعت الشمس على الماء فإذا هو يغلي كهيئة الزيت، وإذا طرف السماء كهيئة الفسطاط. فلما ارتفعت أدخلوني في سرب لهم أنا وصاحبي. فلما ارتفع النهار خرجوا إلى البحر فجعلوا يصطادون السمك ويطرحونه بالشمس فينضج.
ثم قال الثعلبي: قالت العلماء بأخبار القدماء: لما فرغ ذو القرنين من أمر الأمم الذين هم بأطراف الأرض وطاف الشرق والغرب عطف فيها إلى الأمم التي في وسط الأرض من الجن والإنس ويأجوج ومأجوج. فلما كان في بعض الطريق مما يلي منقطع الترك نحو المشرق قالت له أمة صالحة من الانس: يا ذا القرنين إن بين هذين الجبلين خلقا من خلق الله تعالى ليس فيهم مشابه الانس وهم مشابه البهائم، يأكلون العشب ويفترسون الدواب والوحش كما تفترسها السباع، ويأكلون حشرات الأرض كلها من الحيات والعقارب وكل ذي روح مما خلق الله تعالى في الأرض، وليست (1) لله تعالى خلق ينمو نماءهم. ولا يزداد كزيادتهم! فإن أتت مدة على ما يرى من نمائهم وزيادتهم فلا شك أنهم سيملؤون الأرض ويجلون أهلها منها ويظهرون عليها ويفسدون فيها، وليست تمر بنا سنة مذ جاوزناهم إلا ونحن نتوقعهم أن يطلع علينا أو لهم من بين هذين الجبلين " فهل نجعل لك خرجا " أي جعلا وأجرا " على أن تجعل بيننا وبينهم سدا " حاجزا فلا يصلون إلينا؟ فقال لهم ذو القرنين " ما مكني فيه ربي خير " أي ما قواني عليه خير من خرجكم " ولكن أعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما " أي حاجزا كالحائط. قالوا: وما تلك القوة؟ قال: فعلة وصناع يحسنون البناء والعمل وآلة (2). قالوا: وما تلك الآلة؟ " قال آتوني زبر الحديد " يعني قطعا - واحدتها