فكشفها عنهم وأخذهم عنوة فدخلوا في دعوته. فجند من أهل المغرب أمما عظيمة فجعلهم جندا واحدا، ثم انطلق بهم يقودهم والظلمة تسوقهم من خلفهم وتحرسهم من خلفهم والنور أمامهم يقوده ويدله وهو يسير في ناحية الأرض اليمنى، وهو يريد الأمة التي في قطر الأرض الأيمن التي يقال لها " هاويل " وسخر الله له قلبه ويده ورأيه وعقله ونظره فلا يخطئ إذا عمل عملا، فانطلق يقود تلك الأمم وهي تتبعه، فإذا هي أتت إلى بحر أو مخاضة بنى سفنا من ألواح صغار، أمثال البغال، فنظمها في ساعة ثم حمل فيها جميع من معه من تلك الأمم وتلك الجنود فإذا هي قطع الأنهار والبحار فتقها. ثم دفع إلى كل رجل منهم لوحا فلم يكرثه حمله فلم يزل ذلك دأبه حتى انتهى إلى " هاويل " فعمل فيها كفعله في " ناسك " فلما فرغ منها مضى على وجهه في ناحية الأرض اليمنى حتى انتهى إلى " منسك " عند مطلع الشمس فعمل فيها وجند جنودا كفعله في الأمتين قبلهما، ثم كر مقبلا حتى أخذ ناحية [الأرض] اليسرى وهو يريد " قاويل " وهي الأمة التي بحيال " هاويل " وهما متقابلتان بينهما عرض الأرض كله، فلما بلغها عمل فيها وجند فيها كفعله في ما قبلها، فذلك قوله تعالى " حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا " يعني:
مسكنا.
قال قتادة: لم يكن بينهم وبين الشمس ستر، وذلك أنهم كانوا في مكان لا يستقر عليه بناء، وكانوا يكونون في أسراب لهم، حتى إذا زالت الشمس عنهم خرجوا إلى معايشهم وحروثهم. وقال الحسن: كانت أرضهم أرضا لا تحتمل البناء فكانوا إذا طلعت عليهم الشمس هووا في الماء، فإذا ارتفعت عنهم خرجوا فتراعوا كما تتراعى البهائم. و قال ابن جريح: وجاءهم جيش مرة وقال لهم أهلها لا يطلع عليكم الشمس وأنتم بها!
فقالوا: ما؟؟؟؟ تطلع الشمس فنراها، فماتوا. وقيل: فذهبوا بها هاربين في الأرض. وقال؟؟؟: هم أمة يقال لها منسك حفاة عماة عن الحق. قال: وحدثنا عمرو بن مالك؟؟ قال: وجدت رجلا بسمرقند يحدث الناس وهم يجتمعون حوله فسألت بعض من سمع فأخبرني أنه حدثهم عن القوم الذين تطلع عليهم الشمس.