ثوبين (1) فقالت: لست بعريانة فتكسوني (2)، قيل: إنهما يريدان أن يتزايدا عليك فأيهما زاد على صاحبه أخذك من السبي، قالت: هيهات والله لا يكون ذلك أبدا، ولا يملكني ولا يكون لي ببعل إلا من يخبرني بالكلام الذي قلته ساعة خرجت من بطن أمي فسكت الناس ينظر (3) بعضهم إلى بعض، وورد عليهم من ذلك الكلام ما أبهر عقولهم وأخرس ألسنتهم، وبقي القوم في دهشة من أمرها، فقال أبو بكر:
ما لكم ينظر بعضكم إلى بعض؟ قال الزبير: لقولها الذي سمعت، قال أبو بكر: ما هذا الامر (4) الذي أحصر أفهامكم إنها جارية من سادات قومها ولم يكن (5) لها عادة بما لقيت ورأت، فلا شك أنها داخلها الفزع وتقول ما لا تحصيل له، فقالت: رميت بكلامك غير مرمي، والله ما داخلني فزع ولا جزع، ووالله ما قلت إلا حقا ولا نطقت إلا فصلا، ولا بد أن يكون كذلك وحق صاحب هذا البنية ما كذبت، ثم سكتت وأخذ طلحة وخالد ثوبيهما وهي قد جلست ناحية من القوم، فدخل علي بن أبي طالب عليه السلام فذكروا له حالها، فقال عليه السلام: هي صادقة فيما قالت، وكان حالتها (6) وقصتها كيت وكيت في حال ولادتها، وقال: إن كل ما تكلمت به في حال خروجها من بطن أمها هو كذا وكذا، وكل ذلك مكتوب على لوح معها، فرمت باللوح إليهم لما سمعت كلامه عليه السلام، فقرؤوها (7) على ما حكى علي بن أبي طالب عليه السلام لا يزيد حرفا ولا ينقص، فقال أبو بكر: خذها يا أبا الحسن بارك الله لك فيها.
فوثب سلمان فقال: والله ما لاحد ههنا منة على أمير المؤمنين، بل لله المنة ولرسوله ولأمير المؤمنين، والله ما أخذها إلا بمعجزه الباهرة وعلمه القاهر وفضله