عائشة في حديثها له بمرض رسول الله صلى الله عليه وآله ووفاته فقالت في جملة ذلك: فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله متوكئا على رجلين من أهل بيته أحدهما الفضل بن العباس، فلما حكي عنها ذلك لعبد الله بن العباس قال له: أتعرف الرجل الآخر؟ قال: لا لم تسمه لي قال: ذلك علي بن أبي طالب، وما كانت امنا تذكره بخير وهي تستطيع.
وكانت الولاة الجورة تضرب بالسياط من ذكره بخير، بل تضرب الرقاب على ذلك، وتعرض للناس بالبراءة منه، والعادة جارية فيمن اتفق له ذلك أن لا يذكر على وجه بخير فضلا عن أن يذكر له فضائل أو يروى (1) له مناقب أو يثبت له حجة لحق (2) وإذا كان ظهور فضائله عليه السلام وانتشار مناقبه على ما قدمنا ذكره من شياع ذلك في الخاصة والعامة وتسخير العدو والولي لنقله ثبت خرق العادة فيه، و بان وجه البرهان فيه (3) بالآية الباهرة على ما قدمناه.
ومن آيات الله تعالى فيه أنه لم يمن أحد في ولده وذريته بما مني عليه السلام (4) في ذريته، وذلك أنه لم يعرف خوف شمل جماعة من ولد نبي ولا إمام ولا ملك زمان ولا بر ولا فاجر كالخوف الذي شمل ذرية أمير المؤمنين عليه السلام، ولا لحق أحدا من القتل والطرد عن الديار والأوطان والإخافة والارهاب ما لحق ذرية أمير المؤمنين عليه السلام وولده، ولم يجر على طائفة من الناس من صروف (5) النكال ما جرى عليهم من ذلك، فقتلوا بالفتك والغيلة والاحتيال، وبني على كثير منهم - وهم أحياء - البنيان، وعذبوا بالجوع والعطش حتى ذهبت أنفسهم على الهلاك، وأحوجهم ذلك إلى التمزق في ذلك (6) ومفارقة الديار والأهل والأوطان، وكتمان نسبهم