عن أكثر الناس، وبلغ بهم الخوف إلى الاستخفاء عن أحبائهم فضلا عن الأعداء وبلغ هربهم من أعدائهم (1) إلى أقصى الشرق والغرب، والمواضع النائية عن العمارة وزهد في معرفتهم أكثر الناس، ورغبوا عن تقريبهم والاختلاط بهم مخافة على أنفسهم وذراريهم من جبابرة الزمان، وهذه كلها أسباب يقتضي (2) انقطاع نظامهم واجتثاث أصولهم وقلة عددهم، وهم مع ما وصفناه أكثر ذرية أحد من الأنبياء والصالحين والأولياء، بل أكثر من ذراري أحد (3) من الناس قد طبقوا الأرض (4) بكثرتهم البلاد، وغلبوا في الكثرة على ذراري أكثر العباد، هذا مع اختصاص مناكحهم في أنفسهم دون البعداء، وحصرها في ذوي أنسابهم دنية من الأقرباء، وفي ذلك خرق العادة على ما بيناه، وهو دليل الآية الباهرة في أمير المؤمنين عليه السلام كما وصفناه و بيناه، وهذا ما لا شبهة فيه والحمد لله (5).
7 - تفسير الإمام العسكري: قال الصادق عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما أظهر لليهود ولجماعة من المنافقين المعجزات فقابلوها بالكفر أخبر الله عز وجل عنهم بأنه جل ذكره ختم على قلوبهم وعلى سمعهم ختما يكون علامة لملائكته المقربين القراء لما في اللوح المحفوظ من أخبار هؤلاء المكذبين المذكورين فيه أحوالهم، حتى إذا نظروا إلى أحوالهم وقلوبهم وأسماعهم وأبصارهم وشاهدوا ما هناك من ختم الله عز وجل عليها ازدادوا بالله معرفة، وبعلمه بما يكون قبل أن يكون يقينا، حتى إذا شاهدوا هؤلاء المختوم عليهم وعلى جوارحهم يخبرون على ما قرؤوا من اللوح المحفوظ وشاهدوه في قلوبهم وأسماعهم وأبصارهم ازدادوا بعلم الله عز وجل بالغائبات يقينا، قال: فقالوا:
يا رسول الله فهل في عباد الله من يشاهد هذا الختم كما تشاهده الملائكة؟ فقال رسول -