الموضع، فانصرفا من عندها، فلبثا أياما ثم أتياها ومعهما الآخر ليلة الأربعاء لتسعة عشرة [ليلة] خلت من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة، فدعت لهم بحرير فعصبت به صدورهم، وتقلدوا أسيافهم، ومضوا وجلسوا مقابل السدة التي كان يخرج منها أمير المؤمنين عليه السلام إلى الصلاة، وقد كانوا قبل ذلك ألقوا إلى الأشعث ابن قيس ما في نفوسهم من العزيمة على قتل أمير المؤمنين عليه السلام، وواطأهم على ذلك وحضر الأشعث بن قيس في تلك الليلة لمعونتهم على ما اجتمعوا عليه، وكان حجر ابن عدي في تلك الليلة بائتا في المسجد، فسمع الأشعث يقول: يا ابن ملجم (1) النجاء النجاء لحاجتك فقد فضحك الصبح (2) فأحس حجر بما أراد الأشعث، فقال له: قتلته يا أعور! وخرج مبادرا ليمضي إلى أمير المؤمنين عليه السلام ليخبره الخبر و يحذره من القوم، وخالفه أمير المؤمنين عليه السلام من الطريق فدخل المسجد. فسبقه ابن ملجم فضربه بالسيف. وأقبل حجر والناس يقولون: قتل أمير المؤمنين عليه السلام.
وذكر عبد الله بن محمد الأزدي قال: إني لأصلي في تلك الليلة في المسجد الأعظم مع رجال من أهل المصر كانوا يصلون في ذلك الشهر من أوله إلى آخره إذ نظرت إلى رجال يصلون قريبا من السدة، وخرج علي بن أبي طالب عليه السلام لصلاة الفجر، فأقبل ينادي: الصلاة الصلاة، فما أدري أنادى أم رأيت بريق السيوف، و سمعت قائلا يقول: لله الحكم لا لك يا علي ولا لأصحابك (3)، وسمعت عليا يقول:
لا يفوتنكم الرجل، فإذا عليه السلام مضروب، وقد ضربه شبيب بن بجرة فأخطأه ووقعت ضربته في الطاق، وهرب القوم نحو أبواب المسجد، وتبادر الناس لاخذهم، فأما شبيب بن بجرة فأخذه رجل فصرعه وجلس على صدره، وأخذ السيف ليقتله (4)