فقال: دعوهن فإنهن نوائح، ثم خرج فأصيب (1).
39 - الإرشاد: كانت إمامة أمير المؤمنين عليه السلام بعد النبي صلى الله عليه وآله ثلاثين سنة، منها أربعة وعشرون سنة وأشهر (2) ممنوعا من التصرف في أحكامها مستعملا للتقية و المداراة، ومنها خمس سنين وستة أشهر ممتحنا بجهاد المنافقين من الناكثين والقاسطين والمارقين ومضطهدا بفتن الضالين، كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثة عشر سنة من نبوته ممنوعا من أحكامها خائفا ومحبوسا وهاربا ومطرودا، لا يتمكن من جهاد الكافرين ولا يستطيع دفعا عن المؤمنين، ثم هاجروا وأقام بعد الهجرة عشر سنين مجاهدا للمشركين ممتحنا بالمنافقين إلى أن قبضه الله إليه وأسكنه جنات النعيم، وكان وفاة أمير المؤمنين عليه السلام قبل الفجر ليلة الجمعة ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة قتيلا بالسيف، قتله ابن ملجم المرادي لعنه الله في مسجد الكوفة، وقد خرج عليه السلام يوقظ الناس لصلاة الصبح ليلة تسع عشر من شهر رمضان، وقد كان ارتصده من أول الليل لذلك، فلما مر به في المسجد وهو مستخف بأمره مماكر بإظهار النوم في جملة النيام قام إليه (3) فضربه على أم رأسه بالسيف، وكان مسموما، فمكث يوم تسع عشر وليلة عشرين ويومها وليلة إحدى وعشرين إلى نحو الثلث الأول من الليل، ثم قضى نحبه عليه السلام شهيدا، ولقي ربه تعالى مظلوما، وقد كان يعلم ذلك قبل أوانه، ويخبر به الناس قبل زمانه، وتولى غسله وتكفينه ودفنه ابناه الحسن والحسين عليهما السلام بأمره، وحملاه إلى الغري من نجف الكوفة فدفناه هناك، وعفيا موضع قبره بوصية كانت منه إليهما في ذلك، لما كان يعلمه عليه السلام من دولة بني أمية من بعده، واعتقادهم في عداوته، وما ينتهون إليه من سوء النيات فيه من قبح الفعال (4) والمقال بما تمكنوا من ذلك، فلم يزل قبره عليه السلام مخفيا حتى