ضربته على أليته، فجاء الطبيب إليه فنظر إلى الضربة، فقال: إن السيف مسموم فاختر إما أن أحمي لك حديدة فأجعلها في الضربة، وإما أن أسقيك دواء فتبرأ و ينقطع نسلك، فقال: أما النار فلا أطيقها! وأما النسل ففي يزيد وعبد الله ما يقر عيني! وحسبي بهما، فسقاه الدواء فعوفي (1) ولم يولد له بعد ذلك، وقال البرك ابن عبد الله: إن لك عندي بشارة، قال: وما هي؟ فأخبره خبر صاحبه وقال: إن عليا قتل في هذه الليلة، فاحتبسني عندك، فإن قتل فأنت ولي ما تراه في أمري وإن لم يقتل أعطيتك العهود والمواثيق أن أمضي (2) فأقتله ثم أعود إليك فأضع يدي في يدك حتى تحكم في بما ترى، فحبسه عنده، فلما أتى الخبر أن عليا قتل في تلك الليلة خلى سبيله. هذه رواية إسماعيل بن راشد، وقال غيره. بل قتله من وقته.
وأما صاحب عمرو بن العاص فإنه وافاه في تلك الليلة، وقد وجد علة، فاستخلف رجلا يصلي بالناس يقال له خارجة بن أبي حنيفة (3)، فخرج للصلاة، فشد عمرو بن بكر فضربه بالسيف فأثبته، فاخذ الرجل فأتي به عمرو بن العاص فقتله، ودخل من غد إلى خارجة وهو يجود بنفسه فقال: أما والله يا أبا عبد الله ما أراد غيرك، قال عمرو: ولكن الله أراد خارجة (4)!
وقال: قال أبو الفرج: حدثني محمد بن الحسين بإسناد ذكره أن الأشعث بن قيس لعنه الله دخل على علي عليه السلام فكلمه، فأغلظ علي له، فعرض الأشعث أنه سيفتك به، فقال له علي عليه السلام: أبالموت تخوفني أو تهددني؟ فوالله ما أبالي وقعت على الموت أو وقع الموت علي.