من هذا الوجه شئ صرفته إليهم، قال: فمضيت إلى منزلي وجمعت أصحابي وسألتهم عن المستحقين، فسموا لي أشخاصا ففرقت فيهم ثلاثمائة دينار وبقي الباقي بين يدي إلى نصف الليل، وإذا بطارق يطرق الباب، فسألته من هو؟ فقال: فلان العلوي - وكان جاري - فأذنت له فدخل، فقلت له: ما شأنك؟ فقال: إني جائع، فأعطيته من ذلك دينارا فدخلت إلى زوجتي فقالت: ما الذي عناك في هذه الساعة؟
فقلت: طرقني في هذه الساعة طارق من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يكن عندي ما أطعمه فأعطيته دينارا فأخذه وشكر لي وانصرف، فخرجت زوجتي وهي تبكي وتقول: أما تستحيي يقصدك مثل هذا الرجل وتعطيه دينارا وقد عرفت استحقاقه؟ أعطه الجميع فوقع كلامها في قلبي. وقمت خلفه فناولته الكيس، فأخذه وانصرف، فلما عدت إلى الدار ندمت وقلت: الساعة يصل الخبر إلى المتوكل وهو يمقت العلويين فيقتلني فقال لي زوجتي: لا تخف واتكل على الله وعلى جدهم، فبينا نحن كذلك إذ طرق الباب والمشاعل في أيدي الخدم، وهم يقولون: أجب السيدة، فقمت مرعوبا وكلما مشيت قليلا تواترت الرسل، فوقفت على ستر السيدة فسمعتها تقول: يا أحمد جزاك الله خيرا وجزى زوجتك، كنت الساعة نائمة فجائني رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: " جزاك الله خيرا وجزى زوجة ابن الخضيب خيرا " فما معنى هذا؟ فحدثتها الحديث وهي تبكي، فأخرجت دنانير وكسوة وقالت: هذا للعلوي وهذا لزوجتك وهذا لك، و كان ذلك يساوي مائة (1) ألف درهم، فأخذت المال وجعلت طريقي على بيت العلوي فطرقت الباب فقال من داخل المنزل: هات ما معك يا أحمد، وخرج وهو يبكي، فسألته عن بكائه فقال: لما دخلت منزلي قالت لي زوجتي: ما هذا الذي معك؟
فعرفتها فقالت لي: قم بنا حتى نصلي وندعو للسيدة ولأحمد وزوجته، فصلينا ودعونا، ثم نمت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله في المنام وهو يقول: قد شكرتم على ما فعلوا معك فالساعة يأتونك بشئ فاقبل منهم. انتهى ما أخرجته من كتاب كشف اليقين (2).