يا أمير المؤمنين طرأ علينا ولا والله ما جاءنا زائرا ولا منتجعا (1) وإنا لنخافه عليك فاشدد يدك به (2) فقال له علي عليه السلام: اجلس، فنظر في وجهه طويلا ثم قال: أرأيتك إن سألتك عن شئ وعندك منه علم هل أنت مخبري عنه؟ قال: نعم، وحلفه عليه فقال: أكنت تراضع الغلمان وتقوم عليهم فكنت إذا جئت فرأوك من بعيد قالوا:
قد جاءنا ابن راعية الكلاب؟ قال: اللهم نعم، فقال له: مررت برجل وقد أيفعت فنظر إليك وأحد النظر فقال: أشقى من عاقر ناقة ثمود؟ قال: نعم، قال: قد أخبرتك أمك أنها حملت بك في بعض حيضها، فتعتع هنيئة ثم قال: نعم قد حدثتني بذلك، ولو كنت كاتما شيئا لكتمتك هذه المنزلة، فقال له علي عليه السلام: قم، فقام ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن قاتلك شبه اليهودي بل هو يهودي.
ومنها ما تواترت به الروايات من نعيه نفسه قبل موته وأنه يخرج من الدنيا شهيدا من قوله: والله ليخضبنها من فوقها - يومئ إلى شيبته - ما يحبس أشقاها أن يخضبها بدم؟ وقوله: أتاكم شهر رمضان وفيه تدور رحى السلطان، ألا وإنكم حاجو العام صفا واحدا، وآية ذلك أني لست فيكم، وكان يفطر في هذه الشهر ليلة عند الحسن وليلة عند الحسين وليلة عند عبد الله بن جعفر زوج زينب بنته لأجلها، لا يزيد على ثلاث لقم، فقيل له في ذلك فقال: يأتيني أمر الله وأنا خميص إنما هي ليلة أو ليلتان، فأصيب من الليل وقد توجه إلى المسجد في ليلة ضربه الشقي في آخرها، فصاح الإوز في وجهه وطردهن الناس، فقال: دعوهن فإنهن نوائح (3).
بيان: تراضع الغلمان لعله من قولهم: فلان يرضع الناس أي يسألهم، وفي بعض النسخ " تواضع " بالواو من المواضعة بمعنى الموافقة في الامر. ويقال: