بن يحيى البلاذري في كتابه المعروف بتاريخ الاشراف.
لما تعامس (1) محمد يوم الجمل عن الحملة وحمل علي عليه السلام بالراية فضعضع (2) أركان عسكر الجمل دفع إليه الراية وقال: امح الأولى بالأخرى، وهذه الأنصار معك، وضم إليه خزيمة بن ثابت ذا الشهادتين في جمع من الأنصار كثير منهم أهل بدر، حمل حملات كثيرة أزال بها القوم عن مواقفهم، وأبلى بلاء حسنا، فقال خزيمة بن ثابت لعلي عليه السلام: أما إنه لو كان غير محمد اليوم لافتضح، ولئن كنت خفت عليه الجبن وهو بينك وبين حمزة وجعفر لما خفنا عليه، وإن كنت أردت أن تعلمه الطعان فطال ما علمته الرجال. وقالت الأنصار: يا أمير المؤمنين لولا ما جعل الله تعالى لحسن ولحسين (3) لما قدمنا على محمد أحدا من العرب، فقال عليه السلام: أين النجم من الشمس والقمر؟ أما إنه قد أغنى وأبلى وله فضل، ولا ينقص فضل صاحبه (4) عليه، وحسب صاحبكم ما انتهت به نعمة الله تعالى إليه، فقالوا: يا أمير المؤمنين إنا والله ما نجعله كالحسن والحسين ولا نظلمهما ولا نظلمه لفضلهما عليه حقه، فقال علي عليه السلام: أين يقع ابني من ابني رسول الله صلى الله عليه وآله (5)؟ فقال خزيمة بن ثابت فيه:
محمد ما في عودك اليوم وصمة * ولا كنت في الحرب الضروس معردا (6) أبوك الذي لم يركب الخيل مثله * علي وسماك النبي محمدا فلو كان حقا من أبيك خليفة * لكنت ولكن ذاك ما لا يرى بدا وأنت بحمد الله أطول غالب * لسانا وأنداها بما ملكت يدا وأقربها من كل خير تريده * قريش وأوفاها بما قال موعدا