وأخذ الطوسي أيضا عن محمد بن جعفر بن بطة عن أحمد بن أبي عبد الله عن داود ابن القاسم الجعفري وكان جليل القدر عظيم المنزلة عند أبي جعفر الثاني، و أبي الحسن وأبي محمد وأخذ عنهم صلوات الله عليهم وهم أخذوا عن آبائهم إمام إمام إلى علي إلى النبي صلى الله عليه وآله إلى جبرائيل إلى الرب الجليل وليس لأحد من المسلمين إسناد يشبه هذا أو يقاربه.
قلت: لما علمت وسنعلم من نصر الله ورسوله عليهم وإظهار الأعلام الباهرة على يديهم، ووصف جدهم الثابت صدقه الكمالات فيهم، ولم ينقل أحد بحمد الله نقيصة لهم من أعدائهم، مع حرصهم على إطفاء نورهم، وتزهد الأتباع في اتباعهم بل كل واحد منهم علم الوجود في زمانه، وكعبة التقى والوجود في آياته، ترجع أماثل العلماء إلى أقواله، وتقتدي أكابر الفضلاء بأفعاله، وتضرب لهم الأمثال بمحاسن الحال، وتشد الرحال لجلب الكمال، وسلب المحال، ومنازلهم بعد موتهم أعلام شيعتهم على رغم حسدتهم معمورة بخلفاء الدين، مغمورة بحلفاء النبيين، تخر الأعداء سجودا لأبوابهم، وتجر بالذلة والخشوع لتقبيل أعتابهم.
وقد روي أن بعض المتولين أراد زيارة أمير المؤمنين فهم أن يترجل فقال له بعض الشقيين: لا تترجل لأن إماما حيا خير من إمام ميت، فألهمه الله أن رمى رأسه بالسيف وأنشأ يقول:
تزاحم تيجان الملوك ببابه * ويكثر في يوم السلام ازدحامها إذا ما رأته من بعيد ترجلت * فإن هي لم تفعل ترجل هامها وكيف لا تتوجه الهمم إلى قوم إذا انتسبوا، والمصطفى والمرتضى إذا انتدبوا أدت إليهم الأملاك والأفلاك الرضا، إن جادوا بخلوا السحاب، واضمحلوا العباب وإن قالوا نطقوا بالصواب، وسبقوا بالحكم وفصل الخطاب.
هم القوم من أصفاهم الود مخلصا * تمسك في أخراه بالسبب الأقوى ولاؤهم فرض وحبهم هدى * وطاعتهم قربى وودهم تقوى فلله الحمد على ما ألهمنا من كلمة التقوى، وشيد لأئمتنا ربوعا لا تقوى