خلفتموني فيهم) سوى: آوينا من طردته، وأبعدنا وزوينا عن حقه من أوصيته فعند ذلك إلى أشد العذاب يردون، فويل لهم مما كسبت أيديهم وويل لهم مما يكتبون.
قالوا: أبو بكر ما منع كتابيا حقه، فكيف فاطمة لو كان لها حق؟ قلنا: لم يقع من الشحناء للكتابيين كما وقع لها ولأهلها، وقد ثبت بآية التطهير عصمتها وأثنت (هل أتى) على صدق طويتها، وما ورد من قول أبيها في حقها، ودخولها في العترة المأمون ضلالهم من تمسك بها.
فإن كان أبوها بحديث ما تركناه صدقة أعلمها، فلا فرية أعظم من ادعائها أموال المسلمين وذلك يناقض ما تقدم فيها، وإن لم يكن عرفها فقد أغراها على الفتنة والسقوط فيها، وفي ذلك وجوب النار له، وحاشاه منه، لما خرج من جامع الأصول عن الترمذي وأبي داود من قوله عليه السلام: إن الرجل ليعمل بطاعة الله ستين سنة، حتى يحضره الموت، فيضار في الوصية فتجب له النار، وأي ضرر أعظم من كتم ذلك عن وصيه ووارثه، وسنذكر في ذلك زيادات في باب رد الشبهات.
قالوا: طلبت فدك تارة بالنحلة وتارة بالإرث، فإن وقع ذلك عمدا أو سهوا منها بطل عصمتها قلنا: لما أنكر النحلة عدلت إلى الميراث إلزاما له بالحجة، بأن المسلم لو حاكم النصراني إلى جاثليقه فأبى أن يحكم له بشهادة المسلمين، واستشهد ذميين، لم يكن طالبا لحقه من غير وجهه، ولا يتحظر عليه في أخذه، وقد أمر الله النبي أن يقاضي اليهود بالتوراة، مع أنها محرفة ليلزمهم فيها بالحجة.
وما أحسن قول البرقي في ذلك:
فلم يوار رسول الله في جدث * حتى تعصب فرعون لهامان واستخرجا فدكا منها وقد علما * بأنها حقها حقا بتبيان ولا أقول أبا بكر ولا زفر * على الصواب وإن جاءوا ببرهان فإن يقولوا أصابا فاليهود إذن * بإرث داود أولى من سليمان