الرعية؟ قلنا: هذا العلم إن عنينا به الصحف، فلا يسمى علما إلا مجازا، مع أنه يرجع إلى إرث المال وإن عني به العلم الذي محله القلوب، فهو إما شريعة، فإنما بعث لنشرها، وبنو عمه من جملة أمته، وإن عني علم العواقب والحوادث، فهذا لا يجب الإعلام به، فلا خوف لأجله.
إن قيل: إنما سأل الولي خوفا من اندراس العلم، قلنا: قد كان يعلم من حكمة الله أنه لا يندرس العلم لإزاحة العلة.
إن قيل: خاف انتقاله إلى غير ولده قلنا: هذا خوف دنياوي، وليس هو مما بعث الأنبياء له، فجهة خوفهم يحمل على المضار الدينية.
ثم نرجع ونقول إنه اشترط في الولد كونه (رضيا) أي عاملا بطاعة ربه مصلحا لما له، والنبي لا يكون إلا رضيا، فلا معنى للتقييد بكونه رضيا.
إن قلت: يجوز الدعاء بالواقع، مثل (رب احكم بالحق (1)) واجعلنا مسلمين لك (2)).
قلت: كان ذلك تعبدا وانقطاعا إليه تعالى فيما يعود إلى الداعي، بخلاف هذا، ولذلك لا يحسن: رب ابعث نبيا، واجعله عاقلا.
قالوا: روي أنه قال لها: إن كان أبوك يورث فخصمك الزوجات وعمك، و إن كان لا يورث فجميع المسلمين خصمك قلنا: فما بال المسلمين لم يكونوا خصم جابر حيث قال له: النبي صلى الله عليه وآله وعدني بكذا فحثى له من مال البحرين كما أخرجه البخاري، فأعطاه بمجرد دعواه ومنع فاطمة مع عصمتها وبينتها.
إن قالوا: فلعله علم صدق جابر، قلنا: ومن أين له ذلك مع أن البخاري وغيره رووا أنه لا ينبغي للحاكم الحكم بعلمه لموضع التهمة.
إن قيل: فمذهبكم أن الحاكم يحكم بعلمه قلنا: فيدخل في قسم قوله تعالى:
(أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض) إلى آخر الآية (3).