إن قيل: قولكم ولا نورث ما تركناه صدقة - بالنصب - بل ميراثا، لم يتأوله أحد قلنا: أوله أصحابنا فلا إجماع في غيره.
إن قيل: لو كان هذا التأويل صحيحا لم يكن لتخصيص الأنبياء بالذكر مزية إذ غيرهم كذلك قلنا: يجوز أن يريد إنما ننوي فيه الصدقة ونفرده، وإن لم نخرجه من أيدينا لا يناله وارثنا، وهذه مزية، مع أنه يجوز ترجيح الخاص بالذكر (كفاكهة ونخل ورمان (1)) وما يدريك أن يكون النبي صلى الله عليه وآله علم من حاله إنكار ميراثه، فأفرده بالذكر لهذه المزية.
إن قيل: إنما رويت (صدقة) بالرفع، وهو ينفي ذلك قلنا: إن أهل الرواية ما يجري في هذا المجرى، أو لعلهم نسوا واشتبه عليهم، فرفعوها على ظنهم.
قالوا: لم تنكر الأمة عليه فهو دليل على صوابه.
قلنا: قد سلف ذلك (2) ولم تنكر الأمة عليها فهو دليل خطائه.
إن قيل: اكتفوا بإنكار أبي بكر عليها قلنا: إنها قامت على دعواها وعلى غصبها، ثم إن كان إنكاره كافيا لهم عن إنكارهم عليها، فإنكارها كاف لهم عن إنكارهم عليه، وقد سلف ذلك ولو دل ترك النكير على الصواب، دل تركه على صواب عمر في إنكار المتعتين، ولكان ترك النكير دليل صوابه في الجمع بين النقيضين أحدهما قوله في السقيفة (إن النبي قال: (الأئمة من قريش) وقوله في شكائه: إن سالما مع كونه عتيقا لامرأة - لو كان حيا لولاه، ويد الخلافة لا تطاولها يد.
إن قيل: فما بال عثمان مع كونه خليفة تطاول الأيدي إليه بما لا خفاء فيه قلنا: عثمان كان ضعيفا في نفسه، مستخفا بقدره، واستأثر بالأموال، فلم يكن له من المحبة ما للشيخين.
إن قيل: فإنكار نص القرآن أولى من أحداث عثمان؟ قلنا: اشتبه عليهم أن خبر الواحد يخص القرآن، فلم يظهر للرعية الجحدان، على أن أكثرها لا تعرف القرآن، ولا الحق بالبرهان، وإنما ذلك لقليل من أفراد الانسان.