أبو بكر فدكا بمجرد طلبها، قلنا: طلب الخادم نافلة من أبيها، وطلب فدك بمستحقها فلا يقاس عليها، ولو منعها ذلك استهانة بها، لوجب منعها من جميع حقوقها، ولم يتجرء مسلم بذلك عليها، وأي عوض جعله الشيخ لها عند منعها، كما جعله أبوها إذ ناهيك شرفا وفضلا مشاركتها إلى القيامة من ثواب من أتى بتسبيحها.
قالوا: قلتم إنما منعها كيلا ينتفع بها بعلها كيف ذلك وقد أعطوه من غنيمة عساكرهم قطعة من بساط كسرى باعها بعشرين ألفا.
قلنا: ظاهر منعها عدم انتفاع أهل البيت بها لتمالئهم عليها، وانحرافهم عنها وعن أهلها، وإقطاع ذلك مروان دونها، مع كونه عدوا لأبيها، وكان الواجب صلتها بها، وإن لم يكن ملكها تقربا إلى أبيها وربها، وإعطاء البساط إن صح لم يناف ما قلناه لكونه حقه إذ الأمر والإمارة له، ولو أمكن منعه لشبهة لفعلوها كغيرها إذ كل الأمور لا يمكن التلبيس فيها، والعساكر للاسلام لا لأولئك اللئام وقد أخرج البخاري قوله عليه السلام: إن الله ينتصر لهذا الدين بالرجل الفاجر.
قالوا: قلتم غضبت لذلك عليهما، ودفنت ليلا لئلا يصليان عليها لتمنعهما غفران ذنبيهما كيف نسبتم إلى علي ذلك وفيه منع الدعاء لها بالصلاة عليها، ومنع غفران ذنوب الصحابة بتركها، وهل يكون عليا إلا مناعا للخير عنهم وعنها.
قلنا: أما غضبها فقد صار من الأوليات لما جاء من الخائنين في الروايات فقد أخرج في جامع الأصول وحكاه عن مسلم والبخاري عن عائشة مجيئها تلتمس أرضها وميراثها، فردها أبو بكر بلا نورث، وهجرته حتى ماتت ودفنها علي ليلا ولم يؤذنه بها وفي بعض الطرق أنه عتب فقال: بذلك أمرتني على أنه لا حجة في دفنها ليلا لدفن النبي وابن عمر وغيرهما ليلا وقد أسند عيسى بن مهران إلى ابن عباس أنها أوصت أن لا يعلمهما بدفنها، ولا يصليان عليها، رواه الواقدي وغيره، وهذا ونحوه دليل غضبها عليهما.
وفي البخاري (من أغضبها فقد أغضبني) وفي مسلم (يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها) ورووا جميعا أنه عليه السلام قال: إن الله يغضب لغضبها، وقد قال الله تعالى: