قالوا: لفظة (بمنزلة) تقتضي واحدة فلا تعم إذ لو أراد أكثر لقال منازل.
قلنا: الاستثناء معيار العموم إلا الشركة في النبوة والأخوة من الأبوين، وبقيت الخلافة، وفرض الطاعة، وشد الأزر.
ولأن الأمة بين قائلين فمنهم من قال: أراد جميع المنازل، ومنهم من قال:
خرج على سبب، فلا يعم.
قلنا: قد صح في الأصول أن السبب لا يخص، على أن المسبب المذكور غير معلوم بالتواتر، فلا يقصر الخبر المتواتر في عدة مواضع عن سبب مظنون فذهب ما يهولون به من أن خلافته تختص بالمدينة فإنه متى كان إماما على البعض كان إماما على الكل إذ لا قائل بجمع إمامين.
تذنيب:
قيل: ابن أم مكتوم (1) كان يصلي بالناس، فلا عموم لخلافة علي على المدينة فضلا عن غيرها. قلنا: إنما أراد الله أن يفضح المخلفين عن النبي صلى الله عليه وآله بجعل الأعمى الذي لا يتحرز من النجاسات وغيرها إماما لهم، ونزه عليا عن كونه إماما لهؤلاء الصم البكم الذين لا يعقلون، فلا يظن بذلك في إمامته إلا الملحدون.
إن قيل: استثناء النبوة، يتبعه استثناء الخلافة، لأن هارون إنما كان خليفة لكونه نبيا، فإذا خرجت النبوة خرج ما يقتضيه وهو الخلافة.
قلنا: لا نسلم التبعية، ولهذا لو صرح النبي صلى الله عليه وآله بقوله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى في خلافته إلا أنك لست بنبي) لم يكن مناقضا، ولو خرجت الخلافة من النبوة كان مناقضا.
إن قيل: إنه شبه خلافة علي بخلافة هارون، ولم تحصل الخلافة لهارون بعد الموت، فالتشبيه بها دليل نفيها.
قلنا: لا ملازمة لحصول مانع الموت في الأولى دون الثانية، فإن من أوصى إلى غيره حصل له في حياته استحقاق تصرفه بعد وفاته.