بأمر الله، وأرأفهم بالرعية، وأقسمهم بالسوية، وأعلمهم بالقضية، وأعظمهم يوم القيامة مزية.
فقد مدحه على سبق إيمانه، ودل على عظم شانه، والمعاند يقول لا يحكم بإيمانه، مع انتشار ذلك في كتب إخوانه، وقد سلف ذلك في الفصل الثاني والعشرين من الباب السابع مستوفى، اخترنا هنا إيراد طرف منه فإن لكل مقام مقالا.
قوله: (لكفر أبويه) مردود بما أخرجه صاحب كتاب بشائر المصطفى أن أمه فاطمة بنت أسد انشق لها ظهر الكعبة، فدخلت إليها وولدت عليا فيه، فلما خرجت قالت: فضلت على آسية ومريم، بدخول البيت الحرام، والأكل من ثمار الجنة، دون كثير من الأنام، وهتف بي هاتف سميه عليا فهو علي والله العلي شققت له اسما من اسمي، وأوقفته على غامض علمي، وهو الذي يكسر الأصنام عن بيتي، ويؤذن فوق ظهره، ويقدسني ويمجدني، فطوبى لمن أحبه وأطاعه وويل لمن أبغضه.
هذا وقد ربت أمه النبي صلى الله عليه وآله ورأت كراماته حال صغره، والنبي بقميصه كفنها، ونزل بنفسه إلى قبرها، وشفع إلى الله فيها، وكان ذلك من دلائل إيمانها وأما أبوه فربما تمسك في كفره بقوله تعالى (وهم ينهون عنه وينأون عنه (1)) قيل: المراد أبو طالب ينهى عن أذى النبي وينأى عنه، فلا يؤمن به، والمخالف يزعم أن لفظ الجمع لا يطلق على الواحد، حيث قالوا (الذين يقيمون الصلاة (2)) هو علي، وهنا يطلقه على أبيه.
وفي تفسير الثعلبي أن قريشا تنهى أبا طالب عن نصر النبي صلى الله عليه وآله وكلامه في الذب عنه مشهور، حتى أتوه بعمارة بن الوليد يتخذه خادما عوضه، فقال: ما أنصفتموني تعطوني ابنكم أربيه وأغذوه، وأعطيكم ابني تقتلونه، رواه الواقدي وغيره ثم قام إليه وأنشأ الأبيات الآتية.