ليس أخي ولا وكيلي، على أن ذلك أورده أئمة القوم في فضائله، فلو أراد نفي الخلافة، تنافى الأمران.
إن قيل: فهارون لو بقي بعد موسى لم يتجدد له منزلة لم يكن حال حياة موسى، فكذا علي لم يتجدد له منزلة بعد النبي لم تكن حال حياة النبي صلى الله عليه وآله وقد علمنا أنه لم يكن إماما في حياة النبي فكذا بعده.
قلنا: لا يمتنع أن يكون إماما حال حياة، وإن لم نسمه بها لعدم تصرفه على أنه يجوز خلافة علي بإحدى شقي خلافة هارون وهو ما بعد الوفاة. لمانع هو الحياة، فإن من قال لغيره: (أنت مني بمنزلة وكيلي) يقتضي كونه بمنزلته في المستقبل دون الماضي.
قالوا: لو أراد الإمامة لقال: بمنزلة يوشع. قلنا: اقتراح الأدلة فاسد، إذ يلزم أن يقال لكل من استدل بأمر هلا استدللت بغيره، فالدليل على هارون كاف عن يوشع بن نون، وخلافة يوشع لا تعلم صحتها لأنها من نقل اليهود وقد قيل إنه كان نبيا، وكانت الخلافة في أولاد هارون ولأن النبي أراد أن يثبت لعلي جميع منازل هارون من الاستخلاف حال الحياة وبعد الوفاة.
على أن النبي صلى الله عليه وآله إنما ذكر هارون لورود القرآن به المزيل للشبهة فيه بخلاف يوشع إذ ليس ذلك حاصلا ليوشع بن نون.
على أن ابن جبر في نخبه وعلي بن مجاهد في تاريخ أسند إلى النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لعلي عليه السلام عند وفاته: أنت مني بمنزلة يوشع من موسى.
قال الجاحظ: لا يجوز أن يستثني ما لا يملكه وهو النبوة مما يملكه وهو الخلافة. قلنا: بلى ولأنه لا يملك الخلافة بل هي من الله أيضا وإنما استثنى النبوة لئلا يتوهم الشركة فيها كهارون.
قالوا: الخبر يوجب إمامته في حال حياة النبي، قلنا: الظاهر ذلك لولا الاجماع، فيبقى على مقتضاه بعد وفاته صلى الله عليه وآله.
قالوا: فيحمل على ما بعد عثمان. قلنا: لم يقل به أحد لأن المخالف أثبتها