معاني (من) في الفصل التاسع من الباب الثامن.
إن قالوا: يلزم على ما ذكرتم أن لا يقول النبي في نفسه ولا في علي شيئا البتة، وهو خلاف المشهور باعترافكم. قلنا: ذلك لا يلزمنا لكون المقام يقتضي هذا دون غيره فإن النبي صلى الله عليه وآله قال في مقام: أنا سيد ولد آدم [آدم] ومن دونه تحت لوائي يوم القيامة، وقال في آخر: لا تفضلوني على يونس. على أن النفس لو صحت لكل قريش لم يبق لتخصيص الأبناء والنساء بالذكر فائدة لدخولهم في ذكر النفس.
إن قيل: أفردوا بالذكر لترجيح الخاص على العام. قلنا: ذلك هو مطلوبنا في أول الكلام.
فإن قيل: المراد بأنفسنا نفس النبي صلى الله عليه وآله. قلنا: ظاهر (ندع) يقتضي المغايرة إذ لا يكون الانسان داعيا لنفسه.
إن قيل: ذهب الجبائي إلى أن القائل لسليمان (أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك (1)) هو سليمان فقد صح أن يخاطب الانسان نفسه. قلنا: هذا قول شاذ لم يذهب إليه سواه فدل على أن قانون اللغة يوجب المغايرة.
إن قيل: فقد يأمر الانسان نفسه (إن النفس لأمارة بالسوء (2)) فالآمر هنا هو المأمور والأمر كالدعاء. قلنا: لا، فإن الآمر هو القلب، والدعاء يقتضي مدعوا فافترقا. ولأن النصارى فهموا أن عليا نفسه ولهذا لم يقولوا: جئت بزيادة عمن شرطت.
وحكى الواحدي في الوسيط عن ابن حنبل أنه أراد بالأنفس بني العم والعرب تسمي ابن العم نفسا وقال تعالى: (ولا تلمزوا أنفسكم (3)) أي المؤمنين من إخوانكم. قلنا: مجاز لا يحمل عليه.
إن قيل: كون علي نفس النبي صلى الله عليه وآله مجازا أيضا. قلنا: مسلم ولكنه