إذا اعتبرت القرآن والصحيح من الأخبار وجدت الأنبياء بل وجدت أولي العزم من الرسل المتقدمين على نبوة محمد " ص "، قد عاتب الله جل جلاله بعضهم على مخالفة في مندوب أو قد أهملوا في بعض الآداب، وبعضهم قد صرح مع الله تعالى بالخطاب وأظهر الخوف من بعض الأسباب أو طلب النصرة من الناس باللسان أو الجنان أو اعتزل عن الكفار ولم يقف في مقام المجاهرة والشدة عليهم في بعض الأوان، وإن كانوا عليهم السلام منزهين عن خلل ذلك وكدره بكثرة صفوة واصطفاء وزائل عنهم عتابه بكمال مقامهم في الصفاء لله والوفاء، وكانت الأوامر والخطاب من الله جل جلاله إليهم بغير واسطة أصلا أو بغير واسطة من البشر.
وعلي بن أبي طالب عليه السلام ما ثبت عنه مدة صحبته لمحمد " ص " رسول الله شئ يقارب ما جرى لآدم عليه السلام في الأكل من الشجرة والخروج من الجنة والتوبة والندم، ولا شئ يقارب ما جرى لنوح عليه السلام لما اعتذر عن طلبه لتخليص ولده من الغرق، وقال " أني مغلوب فانتصر " (1) ولا اعتزل إلى الكفار بمفارقة محمد " ص " كما اعتزل إبراهيم النبي عليه السلام في قول الله تعالى عنه " واعتزلكم وما تدعون من دون الله " (2) ولا قال نحو ما قال " رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلي ولكن ليطمئن قلبي " (3) بل قال:
لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا.
ولا جرى له نحو ما جرى لموسى عليه السلام لما أمره الله تعالى بالتوجه إلى