ما جاز في العقل والشرع والأدب أن يبلغ في الاستخفاف بنبيهم وسوء الصحبة له إلى هذه الغاية.
وقد كان يمكن أن يمنع أبا هريرة من أداء الرسالة بدون هذا الضرب والاستخفاف، ثم وأي ذنب لأبي هريرة في تحمل هذه الرسالة عن نبيهم حتى يضرب على ذلك، وليته كان قد نهى أبا هريرة عن أداء الرسالة فإن امتنع يعود إلى الانكار عليه أو ضربه وإن كان لا بد لعمر من الانكار على نبيهم فلم ضرب رسوله؟
ومن طريف ذلك إنكار عمر لهذه الرسالة، فأي قبيح فيها حتى ينكرها، وهي من البشارات يجب على كل مسلم أن يحمد الله ورسوله عليها ويجعلوا يوم وقوعها كيوم عيد، وأي ضرر كان على عمر وعلى الإسلام إذا قنع الله من عباده بإخلاص الشهادة لله بالوحدانية، فأي جناية عظيمة قد جنا عمر بذلك على الإسلام والمسلمين وحال بينهم وبين رحمة رب العالمين.
ومن طريف ذلك أن مثل هذه الرسالة لا يمكن أن يقولها نبي من الأنبياء إلا عن الله، لأنها إخبار بما يريد الله من عباده وإخبار بما يستحقون على ذلك ولا يطلع على ما يريد الله من العباد إلا الأنبياء، فكيف استجاز عمر أن يرى راية وتدبيره أكمل من تدبير الله ورسوله؟ وأنه أعرف منهما بمصلحة الخلائق؟
وهذا جهل عظيم بالرسول والمخلوق والخالق ومن طريف ذلك أنهم ذكروا أن نبيهم وافق لعمر على ترك العمل بما أمر الله بأدائه وأنه سد باب الرحمة عنهم، وقد تضمنت كتبهم الصحاح خلاف ذلك.
فمن ذلك ما رواه الحميدي في كتابه المذكور في مسند أبي ذر في الحديث الثالث من المتفق عليه من عدة طرق قال: أتاني جبرئيل عليه السلام فبشرني