وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم " (1) وإننا ما نؤدي زكاتنا إلا من كانت صلاته سكنا لنا.
وبالجملة فإنهم ما استحلوا منع الزكاة وإنما تأولوا تأويلا، وكان يمكن أن يكشف لهم، فيستباح دماؤهم وأموالهم، ويقول أبو بكر: لو منعوني عقالا مما كانوا يعطونه رسول الله " ص " لقاتلتهم عليه: ويقول عمر: إن الله شرح صدري لما قال أبو بكر، فليت شعري من جعل لأبي بكر المساواة لنبيهم حتى يكون عطاء المسلمين له مثل عطاياهم لأبي بكر ومنعهم له مثل منعهم لأبي بكر وهل هو إلا رجل من المسلمين والمسلمون مختلفون، فكيف صارت له المساواة لمن يذكرون أنه سيد المرسلين وخيرة رب العالمين؟
ومع ذلك فتحكم الأربعة المذاهب على أولئك المسلمين المانعين الزكاة من أبي بكر بالردة عن الإسلام، ويصير أموالهم ودماؤهم وقتالهم مباحا ولعنهم وتقبيح فعلهم وذكرهم جايزا بل واجبا، مع أنه كره أكثر المسلمين على ما ذكر الحميدي فيما ذكره ونقلناه عنه في هذا الكتاب كون النبي " ص " يعطي المؤلفة قلوبهم في وقعة هوازن أكثر ما يعطي غيرهم، ومع ذلك فما رأينا ولا سمعنا منكم ولا ممن سبقكم أن يحكم على من خالف النبي " ص " في تفضيله عطاء المؤلفة قلوبهم أنهم مرتدين ولا استباح نبيهم قتالهم ولا أموالهم، ولقد كان ينبغي أن يقتدي أبو بكر بنبيهم في هذا فكيف صار مخالفة أبي بكر أعظم في منع الزكاة منه من مخالفة نبيهم؟ إن هذا من الضلال العظيم.
ومن طريف ما تضمن حديث منع عمر نبيهم من كتابة الصحيفة وقوله في النبي " ص " إنه يهجر أن مثل هذا الكلام يصدر من عمر بمحضر نبيهم ويواجهه بهذا الكلام القبيح، ويصير منعه عن الصحيفة سبب هلاك من هلك من المسلمين