قال: بلى. قلت: فلم نعطي هذه الدنية في ديننا إذا؟ قال أيها الرجل إنه رسول الله وليس يعصي ربه وهو ناصره فاستمسك بعروته، فوالله إنه على الحق.
قلت: أوليس كان يحدثنا أنه سنأتي البيت ونطوف به. قال: فأخبرك أنه يأتيه العام؟ قلت: لا. قال: فإنك آتيه وتطوف به. وزاد الثعلبي في تفسيره عند ذكر سورة الفتح وغيره من الرواة أن عمر بن الخطاب قال: ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ (1).
(قال عبد المحمود) مؤلف هذا الكتاب: أي ضرورة كانت لهؤلاء المسلمين إلى إيراد مثل هذا الحديث وتصحيحه وشهادتهم على عمر انه ما كان يوافق نبيهم ويعارضه في أموره، ويخالفه في تدبيره ويرى أنه أعرف منه ومن الله بالصواب، وقد كان النبي " ص " بوصف " وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى " وهذا مما يتعجب منه ذووا الألباب.
ومن طريف ذلك قول عمر: فلم نعطي هذه الدنية في ديننا، فهلا كانت هذه الشجاعة منه في يوم حنين وخيبر وغيرهما من الغزوات التي هرب فيها وخالف الله ورسوله والوفاء للرسول والحياء من ذم الخيانات به.
ومن طريف ذلك شهادته على نفسه بالردة عن الإسلام والشك في دين الله، وما كان معه ومع أتباعه من الحجة على إسلامه إلا إظهار الشهادة فإذا اعترف إن ذلك الظاهر قد صار شكا وقدحا في الإسلام فأي طريق يبقى له أو لهم في الظاهر إلى زوال ذلك الشك، والناس بين قائلين فقائل من المسلمين يقول:
إنه ما ارتد منذ أسلم، وقائل يقول إنه ارتد إسلامه ولم يعد إلى الإسلام، فالقول بأنه ارتد وعاد إلى الإسلام خلاف إجماع المسلمين، وقد شهدوا في رواياتهم بأنه ارتد فيلزمهم أنه ما عاد إلى الإسلام من الردة، وفي ذلك من