(قال عبد المحمود) مؤلف هذا الكتاب: قد عرفت ما تضمنه كتابهم في قوله " لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون " وقوله " إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون * ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم " وقوله " لا تقدموا بين يدي الله ورسوله "، أفما كان يحسن من عمر أن يمتثل آية من الآيات أو يستحيي أو يكون عنده من الاحترام لله ولرسوله ما يقتضي إقامة عذر نبيهم في تأخره، أما هذا إقدام لمن يعتقد أن رأيه وعقله وتدبيره أكمل من تدبير الله ورسوله أو شك في نبوة نبيهم، ويدل على قبح ذلك من عمر إنكار نبيهم عليه وقوله: ما كان لكم أن تنزروا رسول الله، أتراه ما سمع ما تضمنه كتابهم " إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة " (1).
ومن طريف ما رووه أيضا في معارضته لنبيهم وإنكاره عليه ما ذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين من المتفق عليه على صحته عندهم في مسند عبد الله ابن عمر بن الخطاب في الحديث الخامس والتسعين، أنه لما توفي عبد الله يعني ابن أبي سلول جاء ابنه عبد الله بن عبد الله إلى رسول الله " ص "، فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه، فأعطاه ثم سأله أن يصلي عليه، فقام رسول الله ليصلي عليه فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله فقال: يا رسول الله أتصلي عليه وقد نهاك ربك أن تصلي عليه؟ فقال رسول الله: أنما خيرني الله فقال: " استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم (2) " وسأزيد على سبعين قال: إنه منافق، فصلى عليه رسول الله " ص " فأنزل الله عز وجل: ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبرة إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم