ويكشف أن عليا عليه السلام كان عارفا أنه مظلوم، وأنه يتهدد عمر بيوم القيامة وأن عمر يعلم ذلك ولا يسهل عليه ترك الخلافة وتسليمها إلى صاحبها بن أبي طالب عليه السلام، وفي ذلك ما يطول ذكره من الطرائف والعجائب.
ومن طريف الأمر أن يتعجب أحد من صبر علي بن أبي طالب عليه السلام عن المحاربة والمنازعة، ويقال كيف اقتصر على الانكار باللسان؟ وقد عرفوا أن جماعة من الأنبياء وخلفاء الأنبياء صبروا على منازعة الفراعنة والملوك لعدم الأنصار والأولياء، فهلا كان عذر علي بن أبي طالب عليه السلام كعذر الأنبياء وأوصيائهم، وكفى شاهدا بذلك أنه لما اعتزل عن بيعة أبي بكر لم يكن معتزلا معه وموافقا له كما رووا إلا بنو هاشم خاصة، والباقون مختلفون في الآراء فكيف يقوى بنو هاشم وحدهم بمن خالفهم أو اختلف فيهم وأي عذر أوضح من ذلك.
ومن طريف الجواب عن ذلك وظهور المناقضة من أولئك المسلمين إنهم اعترفوا أن أعيان الصحابة والمسلمين أمسكوا في بعض خلافة معاوية ويزيد عن المحاربة والمجاهدة بالإنكار، وبايع كثير منهم ومع ذلك فلا تجعلون إمساك المسلمين عن استمرار محاربة معاوية ويزيد دليلا على الرضا بخلافتهما، فهلا كان لعلي بن أبي طالب عليه السلام وبني هاشم من العذر في استمرار ترك المنازعة لأبي بكر ما كان للمسلمين في ترك المنازعة لمعاوية ويزيد وبني أمية.
ومن طريف صواب الجواب على التفصيل ما رأيته في بعض كتب المسلمين أنه لما اتصل بعلي بن أبي طالب عليه السلام أن الناس قالوا ما له لم ينازع أبا بكر وعمر وعثمان كما نازع طلحة وزبير قال: فخرج مرتديا ثم نادى الصلاة جامعة فلما اجتمع الصحابة قام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
يا معاشر الناس بلغني أن قوما قالوا ما له لم ينازع أبا بكر وعمر وعثمان كما