يقتضي تفضيل أبي بكر حيث سمي بلفظ لفظ الصحبة، ولم أجد في ذلك فضيلة لأن القرآن قد تضمن تسمية الصحبة من الكفار للنبي " ص " ولغيره من الأنبياء بل ذكر المصاحبة مع الحيوان أيضا ولا ينافيه اللغة كما يقولون بئس الصاحب الحمار، وفي الأخبار ذكرت صاحبات نوح ولوط ويوسف، وقد ذكر الكافر مصاحبا للمؤمن قال الله تعالى " إذ قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا " (1).
ومن نظائره أنه قال " قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد (2) وقال تعالى في صحبة الكفار للنبي " أو لم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة " (3).
وإنما ذكرنا تصريح القرآن بصحبة الكفار للنبي " ص " لأننا وجدنا الاحتجاج بمثل هذا في كثير مما وقفنا عليه، ألا ترى رواية الطبري وهو غير متهم على أبي بكر يتضمن أنه ما كان عنده علم من توجه النبي " ص " من مكة إلى المدينة وأن النبي " ص " ستر ذلك عنه كما ستره عن أعداء الإسلام وأنه ما عرف بتوجه النبي " ص " ولا موضع الاستتار إلا من علي بن أبي طالب عليه السلام ولم يمكن المقام بمكة بعد النبي " ص " خوفا من الكفار.
(قال عبد المحمود) مؤلف هذا الكتاب: فهذا الحديث (4) يشهد أن نبيهم " ص " ما عرف أبا بكر بأمره ولا اطلعه على سره ولا صحبه إلى الغار ولا كان اتباعه إلى الغار بإذنه ولا دخوله معه فيه بقوله، فما أحسن هذه الرواية