أورد عليهم حديث يتضمن أنه أوصى بهم وعين لهم عالي من يقوم مقامه أن يفرحوا بذلك الحديث لموافقته للعقول السليمة والأديان المستقيمة والعوائد الصحيحة، ولا يبدئوا قائله وناقله بالبهتان ويقابلوا الحديث بالهجران. فكيف وقد روت عترته الذين أمرهم بالتمسك بهم وصية نبيهم بالإسلام والمسلمين وتعيينه على من يقوم مقامه فيهم إلى يوم الدين ويصدقوا العترة في تلك الروايات بما تقدم ذكره من رواياتهم في صحاحهم.
ومن طريف بهتهم للمعقول والشرائع والعوائد أنهم يقولون لو كان نبيهم قد أوصى إلى أحد أو عين على من يقوم مقامه ما خالفه أحد من الصحابة، وقد عرفوا وعرف أهل الملل أن أكثر أصحاب نبيهم خالفوه في حياته في حال الشدة وزمان الرخاء.
أما الشدة فإنهم فارقوه في غزوات جماعة وخذلوه واختاروا أنفسهم عليه، فمنها غزاة حنين واحد وخيبر وغيرهن، وقد تضمن كتابهم " ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم يغن عنكم وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين " (1) وكانوا في تلك الحال نحو عشرة آلاف فلم يتخلف معه أحد إلا أقل من عشرة أنفس.
وروى سبعة أنفس فحسب وهم علي بن أبي طالب عليه السلام والعباس والفضل بن العباس وربيعة وأبو سفيان بن حرث بن عبد المطلب وأسامة بن زيد وعبيدة بن أم أيمن، وروى أيمن بن أم أيمن، وأسلمة الباقون للقتل وشماتة الأعداء وإبطال كثير من شريعته، لأن هذه الغزوات كانت قبل إكمال شريعتهم كما يذكرون وآثروا الحياة الفانية على الحياة الباقية وعلى الله وعلى نبيهم وهو يراهم عيانا ولم يستحيوا منه ولا من الله ولا من العار.