ومن ذلك ما رواه في صحاحهم باتفاقهم، وقد ذكر مسلم في صحيحه أيضا في المجلد الثالث من حديث عائشة في قصة الإفك فقال فيه ما هذا لفظه قالت: فقام رسول الله " ص " على المنبر فاستعذر من عبد الله بن أبي بن سلول قالت: فقال رسول الله " ص " وهو على المنبر: يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه في أهل بيتي، فوالله ما علمت على أهل بيتي إلا خيرا، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي. فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال: أنا أعذرك منه يا رسول الله إن كان من الأوس ضربنا عنقه، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك قالت: فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان رجلا صالحا ولكن اجتهلته الحمية.
فقال لسعد بن معاذ: كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله.
فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد بن معاذ فقال لسعد بن عبادة: لعمر الله لنقتله فإنك منافق تجادل عن المنافقين، فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله " ص " قائم على المنبر، فلم يزل رسول الله يخفضهم حتى سكتوا وسكت - الخبر (1).
(قال عبد المحمود): أنظر رحمك الله نظر منصف في هذه الأحاديث المتفق على صحتها عندهم، وفكر فيما بلغوا إليه من تقبيح ذكر الأنصار كافة، وما ذكروه عنهم وشهدوا به عليهم من سوء معاملتهم ومصاحبتهم لنبيهم في حال حياته بمحضره وقلة احترامهم له وترك الموافقة في حالتي غضبه ورضاه، ووقوفهم مع الحسد بنبيهم أو أغراض جاهلية وأحقاد دنيوية، فكذلك يكون قد حضروا وحضر من حضر منهم يوم السقيفة بمثل هذه الآراء السقيمة والأغراض الذميمة، واختلفوا فيمن يولونه منهم أو من غيرهم الإمارة حتى حضر أبو بكر وعمر